منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٣ - الصفحة ٥١٣
القاعدة المزبورة. وفي المقام لم يحرز اقتضاء العام للحجية في الشبهات المصداقية لان الدلالة التصديقية التي هي حجة عند العقلا انما تكشف عما هو مقصود المتكلم، لا ما هو أجنبي عنه، ومن المعلوم أن مقصوده من إقامة الدليل تشريع الاحكام الكلية لموضوعاتها، كجعل الحرمة للخمر. وأما تعلق غرضه بتطبيق تلك الموضوعات على مصاديقها الخارجية غير معلوم لو لم يكن معلوم العدم، لخروجه عن وظيفته بما هو شارع، فلا تكون الدلالة التصديقية كاشفة عنها وحجة عليها حتى يكون العام مقتضيا للحجية في الشبهات المصداقية.
وبعبارة أخرى: المصداق المشتبه وان كان فردا للعام بما هو عام، لكن مصداقيته له بما هو حجة غير معلومة، لقصر حجيته على غير الفاسق الواقعي بعد تخصيصه بغير الفساق من العلماء، فحكم العام - كوجوب الاكرام - بعد التخصيص ثابت للعلماء غير الفساق، فالعالم الفاسق محرم الاكرام، والعالم غير الفاسق واجب الاكرام، وهما كبريان متضمنتان لحكمين كليين، ومن البديهي عدم تكفل الكبريات لتشخيص صغرياتها، وليس شأن الشارع الا تشريع الاحكام لموضوعاتها الكلية، وأما بيان المصاديق، فهو خارج عن وظيفته، فتعلق غرضه ببيانها يحتاج إلى مزيد بيان وإقامة برهان.
فالمتحصل: أن العام لا يقتضي حجيته في الشبهات المصداقية حتى يكون من صغريات قاعدة المقتضي والمانع.
الثاني: أن أصالة التطابق بين الإرادة الاستعمالية والجدية تقضي بجواز التمسك بالعام في الشبهات المصداقية، توضيحه: أن العام قد استعمل في معناه