وأمور الناس أصلا، وليس ذلك إلا لكون المقصود من الآية - على ما هو المتفاهم منها بنظر العرف - هو ما عدا الدليل المعتبر العلمي أو الظني، كما هو واضح.
ثم إنه أفاد المحقق الخراساني في هامش " الكفاية " كلاما حاصله: أن خبر الثقة حجة، ولو قيل بسقوط كل من السيرة والإطلاق عن الاعتبار بسبب دوران الأمر بين ردعها به، وتقييده بها، وذلك لأجل استصحاب حجيته الثابتة قبل نزول الآيتين.
ودعوى أنه لا مجال لاحتمال التقييد بها، فإن دليل اعتبارها مغيى بعدم الردع عنها، ومعه لا تكون صالحة لتقييد الإطلاق مع صلاحيته للردع عنها، مدفوعة بأن الدليل ليس إلا إمضاء الشارع لها، ورضاه بها المستكشف بعدم ردعه عنها في زمان مع إمكانه.
وبالجملة: ليس حال السيرة مع الآيات الناهية إلا كحال الخاص المقدم والعام المؤخر في دوران الأمر بين التخصيص بالخاص أو النسخ بالعام (1)، انتهى.
هذا، ولكن يرد عليه: - مضافا إلى أنه لم يعلم أن المتشرعة كانوا قبل نزول الآيتين يعملون بخبر الواحد في الأمور الشرعية، حتى كان عدم الردع عنها دليلا على الإمضاء وذلك لكون المسلمين كانوا قليلين غير محتاجين إلى العمل بخبر الواحد، لانفتاح باب العلم لهم، وهو السؤال عن شخص النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) - أن الاستصحاب يكون مدرك حجيته خبر الواحد، فكيف يستدل لها بالاستصحاب، كما لا يخفى.