على خلافه، كذلك القطع الإجمالي بالحكم الفعلي يكون حجة موجبا لتنجزه، ولا يعقل الترخيص بخلافه، فإنه لو علم إجمالا بأن قتل النبي المردد بين جمع كثير مهدور الدم يكون محرما بالحرمة الفعلية التي لا يرضى المولى به أصلا لا يجوز له ارتكاب قتل واحد من تلك الجماعة، وكذا لا يجوز الترخيص من المولى، فإنه لا يجتمع مع الحرمة الفعلية، كما هو واضح.
وبالجملة: فلا فرق في أحكام القطع بين القطع التفصيلي والإجمالي قطعا، فلابد من إدخاله فيه.
والثاني: هو مبحث الظن، وقد عرفت أنه لافرق فيه أيضا بين أن يعلم تفصيلا بقيام الأمارة المعتبرة، وبين أن يعلم إجمالا بقيامها. والقسم الثاني هو مبحث الاشتغال المعروف بينهم، الذي يذكرونه عقيب مبحث البراءة، فإن الظاهر أن المراد منه هو العلم الإجمالي بقيام الأمارة على التكليف من إطلاق دليل أو غيره، لما عرفت من أنه لا مجال لتوهم الإشكال في حجية العلم الإجمالي المتعلق بالتكليف الفعلي، وكونه منجزا، بحيث لا يجوز الترخيص بخلافه.
وحينئذ فيكون مبحث الاشتغال من مباحث الظن.
والثالث: هو مبحث الاستصحاب، لأنه حجة على الواقع، وإن لم يكن أمارة عليه.
والرابع: هو مبحث البراءة، ومن هنا ظهر: أن الوضع الطبيعي يقتضي تأخير مبحث البراءة عن جميع المباحث، وكذا إدراج البحث عن الاشتغال في مباحث الظن. نعم، للاشتغال حظ من مبحث الاستصحاب، وهو ما لو كان المستصحب المعلوم مرددا بين شيئين أو أشياء، كما لا يخفى.
إذا عرفت ذلك فاعلم: أنه لا إشكال في تقدم القطع بقسميه على غيره من