الأمارات والأصول، ولا مجال لها معه، أما القطع التفصيلي فتقدمه عليها واضح، لأنها أمور تعبدية مجعولة للشاك الذي لا يعلم بالواقع، وأما القطع الإجمالي فلما عرفت من أنه حجة عقلية موجبا لتنجز التكليف، بحيث لا يعقل الترخيص في تركه، فلا مجال معه من التعبد الذي مورده صورة الشك وعدم العلم.
وأما تقدم الأمارات على الأصول فنقول: أما تقدمها على الاستصحاب فربما يشكل وجهه لو كان المراد باليقين الذي ورد في أخبار لا تنقض هو اليقين القطعي الوجداني الذي لا يحتمل معه الخلاف، لأن مفاد هذه الأخبار حينئذ أن نقض اليقين بالشك حرام إلى أن يحصل اليقين الوجداني، بخلاف اليقين الأول.
ومن المعلوم: أن الأمارات التي جلها، بل كلها حجج عقلية ثابتة ببناء العقلاء - كما عرفت - لا تكون مفيدة لليقين، ولم يكن عملهم على طبقها من باب أنه يقين، ضرورة أن الطريق عندهم لا يكون منحصرا بالقطع، وليس ذلك من جهة تنزيل سائر الطرق منزلة الطريقة العلمية أصلا، كما يظهر ذلك بمراجعتهم.
وحينئذ فيقع التعارض بحسب الظاهر بين دليل اعتبار الأمارة وبين أخبار لا تنقض، لأن مفاده التعبد بثبوت الطهارة مثلا لو شهدت البينة بها، ومفادها حرمة نقض اليقين بالنجاسة ما دام لم يحصل يقين وجداني بالطهارة. وحينئذ فيشكل وجه تقدم الأمارات على الاستصحاب.
هذا، ويحتمل قويا أن يكون المراد باليقين في أخبار الاستصحاب هي الحجة والدليل، فمعناها حينئذ حرمة نقض الحجة بمجرد الشك، بل الواجب نقضها بحجة أخرى، ولا يجوز رفع اليد عن الحجة بلا حجة، وحينئذ فالوجه