السائل إلى زرارة في تعلم الأحكام، وأخذ معالم الدين، وهو يشتمل على خصوصيتين: أحدهما كون من يؤخذ عنه ذلك فقيها في الدين كزرارة، وثانيهما:
أن الأخذ منه إنما هو من دون واسطة.
ومن المعلوم: أنه لا يمكن إلغاء شئ من الخصوصيتين، وإن كانت خصوصية كونه زرارة ملغاة قطعا.
هذا، ويمكن تقريب الاستدلال بالإخبار لحجية خبر الواحد بوجه آخر، وهو أن يقال: إنه لا إشكال في ثبوت بناء العقلاء على العمل بخبر الواحد في الجملة - لو لم نقل بثبوته على العمل به مطلقا، كما سنحققه - وحينئذ فنقول:
يوجد في تلك الأخبار الكثيرة ما يدل على حجية خبر الواحد مطلقا، فإنه يثبت ببناء العقلاء حجية ذلك الخبر الذي مدلوله هو حجية الخبر مطلقا، ولا يلزم الدور، ولا يحتاج إلى إثبات التواتر، كما هو واضح.
وهذا الخبر هو ما رواه الكليني عن محمد بن عبد الله الحميري ومحمد بن يحيى جميعا عن عبد الله بن جعفر الحميري عن أحمد بن إسحاق قال: سألت أبا محمد (عليه السلام)، وقلت: من أعامل، وعمن آخذ، وقول من أقبل؟
فقال: " العمري وابنه ثقتان، فما أديا إليك عني فعني يؤديان، وما قالا لك فعني يقولان، فاسمع لهما وأطعهما، فإنهما الثقتان المأمونان... " الحديث (1).
فإنه لا إشكال في كون مثل هذا السند العالي الذي يكون كل رواته مذكى بتذكية عدلين، بل عدول مورد البناء العقلاء قطعا، وحينئذ فيجب الأخذ به، وبه يثبت حجية قول الثقة المأمون مطلقا، كما لا يخفى.