وأجيب عن الوجه الثالث: بأن المستحيل إنما هو إثبات الحكم موضوع شخصه، لا إثبات موضوع لحكم آخر، فإن هذا بمكان من الإمكان، والمقام يكون من هذا القبيل، فإن الذي يثبت بوجوب تصديق الشيخ إنما هو خبر المفيد، وإذا ثبت خبر المفيد بوجوب تصديق الشيخ يعرض عليه وجوب التصديق أيضا، وهكذا (1).
وعن الوجه الرابع تارة: بما في تقريرات المحقق النائيني من أن هذا الإشكال إنما يتوجه بناء على أن يكون المجعول في باب الأمارات منشأ انتزاع الحجية، أما بناء على ما هو المختار من أن المجعول في باب الطرق والأمارات نفس الكاشفية والوسطية في الإثبات فلا إشكال حتى نحتاج إلى التفصي عنه، فإنه لا يلزم شئ مما ذكر، لأن المجعول في جميع السلسلة هو الطريقية إلى ما تؤدي إليه أي شئ كان المؤدى، فقول الشيخ طريق إلى قول المفيد، وقول المفيد طريق إلى قول الصدوق، وهكذا إلى أن ينتهي إلى قول زرارة الحاكي لقول الإمام (عليه السلام) (2).
واخرى: بما في تقريرات المحقق العراقي مما حاصله: أن دليل الاعتبار - وهو قوله " صدق العادل " مثلا - وإن كان بحسب الصورة قضية واحدة، ولكنها تنحل إلى قضايا متعددة حسب تعدد حصص الطبيعي بتعدد الأفراد، وبعد فرض انتهاء سلسلة سند الرواية إلى الحاكي لقول الإمام (عليه السلام)، وشمول دليل وجوب التصديق له، لكون المخبر به في خبره حكما شرعيا تصير بقية الوسائط ذات أثر شرعي، فيشملها دليل وجوب التصديق، إذ حينئذ يصير وجوب التصديق