بالمظنونات فقط، فالعمل بها ليس لكون الظن حجة، بل لكونه أقرب إلى الوصول إلى الواقع، كما لا يخفى.
ثانيها: ما ذكره المحقق العراقي - على ما في تقريرات بحثه - من النقض باحتمال التكليف قبل الفحص، وبإيجاب الاحتياط في الشبهات البدوية (1).
ولكن يرد عليه: أن احتمال التكليف قبل الفحص لا يكون حجة، بل الحجة هي بيان التكليف المذكور في مظانه الذي يعلم به بعد الفحص. غاية الأمر: أن العقل يحكم بقبح العقاب بلا بيان فيما إذا تفحص ولم يجد، فعدم الفحص لا يقتضي أزيد من عدم حكم العقل بقبحه في مورده، لا أن يكون الاحتمال معه حجة، كما أن إيجاب الاحتياط في الشبهات البدوية يمكن أن يقال بعدم كونه حجة، بل إنما هو رافع لحكم العقل بقبح العقاب الذي كان ثابتا عند عدم إيجاب الاحتياط، لأنه لو شرب التتن مثلا مع وجوب الاحتياط عليه، وكان في الواقع حراما فهو يعاقب على الإتيان بالمنهي عنه، لا على مخالفة الاحتياط.
وبالجملة: فلم يوجد مورد يتحقق الانفكاك فيه بين الحجية وصحة الإسناد. نعم، يرد على الشيخ: أن ادعاء الملازمة بينهما إنما هو مجرد دعوى يحتاج إلى إقامة برهان، كما لا يخفى.
فالأولى في تقريرا لأصل ما أفاده في " الكفاية " مما حاصله: أن مع الشك في حجية شئ لا يترتب عليه آثار الحجية قطعا، ضرورة أن احتجاج المولى على العبد لا يجوز إلا بما يعلم العبد بكونه حجة منه عليه، فالآثار المرغوبة من الحجة لا تكاد تترتب إلا على ما أحرز اتصافها بالحجية الفعلية، لقبح المؤاخذة على مخالفة التكليف مع الشك في حجية الأمارة المصيبة، ونحو