تشريعي.
والمراد من الكفر الجحودي في قوله تعالى: * (وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم) * (1) ليس الالتزام على خلاف اليقين الحاصل للنفس، بل هو مجرد الإنكار اللساني. ومن هنا يظهر أن ما اشتهر بينهم من حرمة التشريع مما لا محصل له إن كان المراد من التشريع هو البناء القلبي على كون حكم من الشرع مع العلم بأنه ليس منه. وبالجملة: أن الموافقة الالتزامية ليست من الأمور الاختيارية، حتى يبحث في وجوبها وعدمه.
وحكي عن بعض الأعاظم: أنه قال بثبوت التجزم في القضايا الكاذبة، وأنه هو المناط في صيرورة القضايا مما يصح السكوت عليها، وأن العقد القلبي على طبقها يكون اختياريا (2).
ووجهه بعض المحققين من المعاصرين بأن مراده: أنه كما أن العلم قد يتحقق في النفس بوجود أسبابه، كذلك قد يخلق النفس حالة وصفة على نحو العلم، حاكية عن الخارج، فإذا تحقق هذا المعنى في الكلام يصير جملة يصح السكوت عليها، لأن تلك الصفة الموجودة يحكي جزما عن تحقق النسبة في الخارج (3).
ويرد عليه: أن العلم والجزم ليسا من الأمور الاختيارية، فإنهما من الأمور التكوينية التي لا تتحصل إلا بعد تحقق أسبابها، لوضوح استحالة الجزم مثلا بأن الواحد ليس نصف الاثنين، كما لا يخفى. وأما القضايا الكاذبة فإنما هي بصورة الجزم. والمناط في صحة السكوت هو الإخبار الجزمي، لا الجزم