لقيامها بأدلة اعتبارها مقام القطع (1)، ولكنه خال عن الدليل، لعدم دلالة أدلة حجية الأمارات على ما ذكره أصلا.
والتحقيق أن يقال: إن العمدة في أدلة حجية الأمارات هي بناء العقلاء بما هم عقلاء على العمل على طبقها، وليس للشارع في اعتبارها تأسيس أصلا، كما يظهر بمراجعة الأخبار الواردة في حجية خبر الواحد الذي هو من عمدة الأمارات، فإنه لا يظهر من شئ منها ما يدل على حجية خبر الواحد، أو وجوب تصديق العادل، أو نحوهما مما يشعر بكون الشارع جعل خبر الواحد طريقا إلى الأحكام، بل التأمل فيها يقضي بكون ذلك أمرا مسلما عند الناس، بحيث لا يحتاج إلى السؤال، لأن بنائهم في الأمور الدنيوية كلها أيضا على العمل بذلك.
وبالجملة: كون الدليل على ذلك هو مجرد بناء العقلاء، وعمل الشارع به إنما هو لكونه منهم مما لا مجال للإشكال فيه. وحينئذ فنقول: لا إشكال في أن الوجه في ذلك ليس لكون الظن عندهم بمنزلة القطع، ويقوم مقامه، فإن لهم طرقا معتبرة يعملون بها في أمورهم، من غير تنزيل شئ منها مقام الآخر.
ومنه يظهر: أن الأثر المترتب على القطع الطريقي - وهو الحجية والمنجزية للواقع على تقدير الثبوت - يترتب على تلك الطرق العقلائية، لكن لا من باب كونها قائمة مقام القطع، ومنزلة بمنزلته. وتقدم القطع على سائر الطرق العقلائية لا يؤيد دعوى التنزيل، فإن الوجه فيه إنما هو أن العمل على طبقها إنما هو مع فقد العلم، وذلك لا يوجب انحصار الطريق في القطع، بحيث تكون سائر الطرق قائمة مقامه، ويكون العمل بها بعناية التنزيل.
وأما القطع الموضوعي: فما كان منه مأخوذا في الموضوع على نعت