معتمد الأصول - مؤسسة نشر آثار الإمام الخميني - الصفحة ٣٩٣
وقد ادعى تواتر الأدلة على اشتراك الأحكام في حق الجاهل والعالم (1)، ونحن وإن لم نعثر على تلك الأدلة، سوى بعض أخبار الآحاد التي ذكرها صاحب " الحدائق " في مقدمات كتابه (2)، إلا أن الظاهر قيام الإجماع، بل الضرورة على ذلك، ومن هنا كان الجاهل المقصر معاقبا إجماعا.
ولكن تلك الأدلة قابلة للتخصيص، كما قد خصصت في غير مورد، كما في مورد الجهر والإخفات والقصر والإتمام، حيث قام الدليل على اختصاص الحكم بالعالم. وكما يصح أخذ العلم بالحكم شرطا في ثبوته كذلك يصح أخذ العلم بالحكم من وجه خاص وسبب خاص، مانعا عن ثبوت الحكم، كما في باب القياس، حيث إنه قام الدليل على أنه لا عبرة بالعلم بالحكم الحاصل من طريق القياس، كما في رواية أبان في مسألة دية أصابع المرأة (3)، وليس هذا نهي عن العمل بالعلم، حتى يقال: إن ذلك لا يعقل، بل مرجعه إلى التصرف في المعلوم والواقع الذي أمره بيد الشارع.
وبذلك يمكن أن توجه مقالة الأخباريين من أنه لا عبرة بالعلم الحاصل من غير الكتاب والسنة (4)، بل شيخنا الأستاذ نفى البعد عن كون الأحكام مقيدة بما إذا لم يكن المؤدى إليها مثل الجفر والرمل والمنام وغير ذلك من الطرق الغير المتعارفة (5)، انتهى.

١ - فرائد الأصول ١: ٤٤.
٢ - الحدائق الناضرة ١: ٧٧.
٣ - الكافي ٧: ٢٩٩ / ٦، وسائل الشيعة ٢٩: ٣٥٢، كتاب الديات، أبواب ديات الأعضاء، الباب ٤٤، الحديث ١.
٤ - الفوائد المدنية: 128.
5 - فوائد الأصول (تقريرات المحقق النائيني) الكاظمي 3: 11 - 14.
(٣٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 388 389 390 391 392 393 394 395 396 397 398 ... » »»
الفهرست