وقد ادعى تواتر الأدلة على اشتراك الأحكام في حق الجاهل والعالم (1)، ونحن وإن لم نعثر على تلك الأدلة، سوى بعض أخبار الآحاد التي ذكرها صاحب " الحدائق " في مقدمات كتابه (2)، إلا أن الظاهر قيام الإجماع، بل الضرورة على ذلك، ومن هنا كان الجاهل المقصر معاقبا إجماعا.
ولكن تلك الأدلة قابلة للتخصيص، كما قد خصصت في غير مورد، كما في مورد الجهر والإخفات والقصر والإتمام، حيث قام الدليل على اختصاص الحكم بالعالم. وكما يصح أخذ العلم بالحكم شرطا في ثبوته كذلك يصح أخذ العلم بالحكم من وجه خاص وسبب خاص، مانعا عن ثبوت الحكم، كما في باب القياس، حيث إنه قام الدليل على أنه لا عبرة بالعلم بالحكم الحاصل من طريق القياس، كما في رواية أبان في مسألة دية أصابع المرأة (3)، وليس هذا نهي عن العمل بالعلم، حتى يقال: إن ذلك لا يعقل، بل مرجعه إلى التصرف في المعلوم والواقع الذي أمره بيد الشارع.
وبذلك يمكن أن توجه مقالة الأخباريين من أنه لا عبرة بالعلم الحاصل من غير الكتاب والسنة (4)، بل شيخنا الأستاذ نفى البعد عن كون الأحكام مقيدة بما إذا لم يكن المؤدى إليها مثل الجفر والرمل والمنام وغير ذلك من الطرق الغير المتعارفة (5)، انتهى.