ومنها: قاعدتا التجاوز والفراغ، ولا يخفى أن التأمل في الأخبار الواردة فيهما يعطي أن مفادها ليس إلا مجرد البناء عملا على تحقق المشكوك، والحكم بثبوته في محله.
فانظر إلى ما ورد في رواية حماد، بعد سؤاله عنه (عليه السلام) أشك، وأنا ساجد، فلا أدري ركعت أم لا من قوله (عليه السلام): " قد ركعت " (1). فهذا المضمون ونظائره ظاهر في مجرد فرض تحقق الشئ المشكوك، والبناء عليه عملا، ولا نظر في أدلتهما إلى جعل المكلف مقام القاطع، والحكم بكونه مثله، بحيث لو ورد دليل كان القطع مأخوذا في موضوعه، كقوله مثلا: إذا قطعت بالركوع فعليك كذا وكذا يكون مفاده شاملا للمكلف الشاك في الركوع المتجاوز عن محله، أو الفارغ عن العمل، نظرا إلى تلك الأدلة.
وبالجملة: فالظاهر عدم الإشكال في أنه ليس شئ من أدلة الأصول ناظرا إلى التنزيل، وبصدد جعل المكلف قاطعا تعبدا. نعم، لو فرض كون مفادها ذلك فالظاهر أنه لا فرق بين القطع الطريقي والموضوعي، ولا فرق في الثاني أيضا بين ما كان مأخوذا على وجه الصفتية وما كان مأخوذا على نعت الطريقية، كما هو واضح.