ومن هنا يظهر: أن الإشكال في الاكتفاء به من جهة الإخلال بالوجه أو بالتمييز مما لا يرتبط بالمقام، لأن مرجعه إلى الامتثال الإجمالي يستلزم عدم تحقق المأمور به بتمام قيوده، لإخلاله بالوجه أو التمييز المعتبر فيه، فيتوقف تحققه بأجمعه على الامتثال التفصيلي، وقد عرفت أن ذلك خارج عن موضوع البحث.
نعم، في الاكتفاء به في مقام الامتثال إشكالان واردان على مورد البحث:
أحدهما: كون الامتثال الإجمالي لعبا وعبثا بأمر المولى (1). ولكنه مردود، مضافا إلى أنه ربما يكون ذلك لداع عقلائي، كما إذا كان تحصيل العلم التفصيلي أشق عليه من الاحتياط. إنما يضر ذلك إذا كان لعبا بأمر المولى، لا في كيفية إطاعته، بعد حصول الداعي إليها، ضرورة أن خصوصيات الإطاعة وكيفياتها إنما هي بيد المكلف، ولا يعتبر فيها الداعي الإلهي، كما هو واضح.
ثانيهما: أن رتبة الامتثال العلمي الإجمالي متأخرة عن رتبة الامتثال العلمي التفصيلي، لأن حقيقة الإطاعة عند العقل هو الانبعاث عن بعث المولى، بحيث يكون الداعي والمحرك له نحو العمل هو تعلق الأمر به، وانطباق المأمور به عليه، وهذا المعنى غير متحقق في الامتثال الإجمالي، لأن الداعي له نحو العمل بكل واحد من فردي الترديد ليس إلا احتمال تعلق الأمر به. نعم، الانبعاث عن احتمال البعث وإن كان أيضا نحوا من الطاعة عند العقل إلا أن رتبته متأخرة عن الامتثال التفصيلي. هذا ملخص ما أفاده بعض الأعاظم على ما في تقريرات بحثه (2).