الأفراد وبين الخصوص الظاهر في عدم كون مورده مقصودا من أول الأمر، إذ ليس التخصيص كالنسخ، كما هو واضح.
والتحقيق فيه أن يقال: إن هذا النحو الذي يرجع إلى إلقاء القاعدة الكلية أولا ثم بيان المستثنيات شائع بين العقلاء المقننين للقوانين العرفية والجاعلين للقواعد التي يتوقف النظام عليها، فإن التأمل فيها يرشد إلى أن دأبهم في ذلك هو جعل الحكم الكلي أولا ثم إخراج بعض المصاديق عنه.
ولابد في مقام الجمع بينهما من أن يقال بأن البعث الكلي المنشأ أولا أو الزجر كذلك وإن كان بعثا كليا حقيقة وزجرا كذلك إلا أنه لا يكون المقصود منه الانبعاث أو الانزجار في الجميع، بل الانبعاث والانزجار في بعض الأفراد دون البعض الآخر، والكاشف عن عدم كون البعث الكلي لغرض الانبعاث في الكل هو ورود التخصيص الدال على عدم كون مورده مقصودا من أول الأمر أصلا، فقوله: أكرم العلماء، بعث إلى إكرام جميع العلماء حقيقة إلا أن إخراج الفساق منهم يكشف عن أن البعث المتوجه إليهم أيضا في ضمن الجميع لا يكون لغرض الانبعاث بل لغرض آخر، والفائدة في هذا النحو من جعل الحكم يظهر في موارد الشك في التخصيص، كما سيأتي.
وما ذكرنا هو الذي يرجع إليه قولهم: بأن التخصيص تخصيص في الإرادة الجدية لا الاستعمالية، فإن المراد بالإرادة الاستعمالية هو أن ظاهر الاستعمال هو تعلق البعث مثلا بجميع أفراد العلماء وإن كان في الواقع لا يكون المقصود - أي تحقق الانبعاث - إلا بالنسبة إلى غير الفاسق منهم، لا أن كلمة " العلماء " قد أريد منها الجميع استعمالا لا جدا حتى يقال - كما في تقرير المحقق النائيني - بأنا لا نتصور للاستعمال إرادة مغايرة للإرادة الجدية، فهي - أي كلمة " العلماء " - إن