لا يكون زيد غصبا كذلك لا تكون الصلاة غصبا (1). انتهى كلامه في غاية التلخيص.
وقد عرفت: أن هذا الكلام لو تم لترتب عليه صحة الصلاة في الدار المغصوبة، لأنه بعد كون الحركة الصلاتية مغايرة للحركة الغصبية لا يكون المبغوض والمبعد عن ساحة المولى بعينه محبوبا ومقربا للعبد نحو المولى حتى يقال باستحالة كون المبعد مقربا، فإن المبغوض هي الحركة الغصبية، والمحبوب هي الحركة الصلاتية.
وبالجملة، بعد فرض تعدد الحركة لايبقى مجال للإشكال في صحة الصلاة، لعدم الارتباط بين الحركتين، فالحركة الصلاتية تؤثر في القرب، والغصبية تؤثر في البعد.
هذا، ولكن يرد على ما ذكره أولا: أن الصلاة ليست بنفسها من المقولات، لأنها مركب اعتباري، واجزاؤها عبارة عن الحقائق المختلفة والهويات المتشتتة، فلا يعقل أن تكون بنفسها مندرجة تحت مقولة واحدة، وكذا الغصب ليس مندرجا تحت مقولة أصلا، فإنه عبارة عن الاستيلاء والتسلط على مال الغير عدوانا، ومن المعلوم أن ذلك أمر اعتباري يعتبره العرف والعقلاء، وليس من الأمور الواقعية والحقائق، نظير سلطة الشخص على مال نفسه.
هذا، مضافا إلى أن ما يتحد مع الصلاة في الدار المغصوبة ليس هو الغصب، لما عرفت من أنه عبارة عن التسلط على مال الغير عدوانا، وهذا المعنى مما لا يرتبط بالصلاة أصلا، بل الذي يتحد معها هو التصرف في مال الغير بغير إذنه، الذي محرم آخر غير الغصب، وبينهما عموم من وجه، كما لا يخفى.