النائيني - بالعدم، نظرا إلى أن تصحيح العبادة بالملاك إنما يكون بعد الفراغ عن ثبوت حكمها وتشريعه مطلقا، غاية الأمر أنه وقع التزاحم بين ذلك الحكم وبين حكم آخر في مقام الامتثال.
وخلاصة كلامه في هذا الباب: أن التزاحم قد يكون بين الحكمين، وقد يكون بين المقتضيين، مثل مورد الاجتماع، بناء على القول بالامتناع، وبينهما بون بعيد، فإن تزاحم الحكمين إنما يكون في مقام الفعلية وتحقق الموضوع بعد الفراغ عن تشريعهما على طبق موضوعاتهما المقدر وجودها، وفي هذا القسم من التزاحم يكون لعلم المكلف وجهله دخل حيث إن الحكم المجهول لا يصلح أن يكون مزاحما لغيره، فإنه لا يكون شاغلا لنفسه، فبأن لا يكون شاغلا عن غيره أولى.
وأما تزاحم المقتضيين فإنما يكون في مقام الجعل والتشريع حيث يتزاحم المقتضيان في نفس الآمر وإرادته، ويقع الكسر والانكسار بينهما في ذلك المقام، ويكون لعلم الآمر وجهله دخل في تزاحم المقتضيين حيث لو يعلم الآمر بثبوتهما لا يعقل أن يقع التزاحم بينهما، وعلم المكلف وجهله أجنبي عن ذلك، فإن عالم الجعل والتشريع إنما يكون بيد الآمر، والمأمور أجنبي عنه، كما أن عالم الامتثال إنما يكون بيد المكلف، والآمر أجنبي عنه.
والحاصل أنه بناء على الامتناع تندرج المسألة في صغرى التعارض، للزوم تعلق الأمر حينئذ بعين ما تعلق به النهي، واستلزامه اجتماع الضدين في واحد شخصي عددا وهوية، وعليه لابد من إعمال قواعد التعارض، ومع ترجيح جانب النهي لم يبق مجال للقول بالصحة أصلا، لما عرفت من أن في هذا الباب لا دخل لعلم المكلف وجهله أصلا.
وتوهم أن الصحة عند الجهل إنما هي لوجود الملاك والمقتضي، مدفوع: