بأن الملاك المغلوب بما هو أقوى منه والمكسور بغيره في عالم الجعل والتشريع لا يصلح أن يكون موجبا للصحة، فإن الموجب لها هو الملاك التام الذي لا يكون مكسورا بما هو أقوى منه في عالم التشريع (1) انتهى ملخص كلامه.
ولكن لا يخفى: أن المراد بوقوع الكسر والانكسار بين الملاكين ليس صيرورة الملاك المسكور والمغلوب معدوما في مقابل الملاك الغالب بحيث يكون الفعل مع تلك الغلبة مشتملا على ملاك الغالب فقط، بل المراد كونه جامعا لكلا الملاكين، غاية الأمر أن أقوائية ملاك الغالب صار مانعا من تشريع الحكم على طبق الملاك المغلوب، وحينئذ فيرد عليه سؤال الفرق بين صورتي التزاحم، أي:
التزاحم بين الحكمين والتزاحم بين المقتضيين، فإن قال في الجواب: بأن في الثاني يرجع التقييد إلى مقام الثبوت والواقع بمعنى أنه يكون المأمور به مثلا حينئذ في المقام بناء على الامتناع وترجيح جانب النهي هي الصلاة المقيدة بما عدا الفرد المجامع للغصب، بخلاف الأول، فإن سقوط الأمر بالمهم مثلا إنما هو لعدم إمكان امتثالهما بعد الفراغ عن تشريعهما مطلقا، فيرد عليه: أن السقوط لابد أن يرجع إلى التقييد، فإن قال: إن التقييد في تزاحم المقتضيين إنما هو في مقام جعل الحكم الإنشائي، بخلاف تزاحم الحكمين، فإن التقييد إنما هو في مقام فعلية الحكم، فيقال عليه: إنه لا نسلم رجوع التقييد في تزاحم المقتضيين إلى مقام جعل الحكم الإنشائي.
ودعوى: أن إطلاق الحكم فيه يستلزم اللغوية، مدفوعة: بمنع لزومها بعد ظهور ثمرته في صورة الجهل.
وكيف كان فبعد كون ملاك الأمر تاما بمعنى كونه صالحا لتعلق الأمر به لو