وأما المقدمة الثانية: الراجعة إلى أن الواجب المشروط بعد تحقق شرطه حاله حاله قبل تحقق شرطه من حيث إنه بعد على صفة الاشتراط، ولا يتصف بصفة الإطلاق، وذلك لأن الشرط فيه يرجع إلى قيود الموضوع، إلى آخر ما ذكرنا.
فيرد عليها ما تقدم منا في الواجب المطلق والمشروط من أن أخذ القيد بحسب الواقع ونفس الأمر على وجهين، فإنه قد يكون الشئ محبوبا للإنسان عند حصول شرط بحيث لا يكون بدونه مطلوبا وإن كان ربما يمنع عن تحقق القيد، وقد يكون الشئ المقيد محبوبا له بحيث ربما يتحمل لأجل تحقق مطلوبه مشاقا كثيرة، فالصلاة في المسجد قد تكون محبوبة للإنسان لأجل ما يترتب عليها، فلو لم يكن مسجد يصير بصدد بنائه لأجل تحقق مطلوبه، وقد تكون الصلاة محبوبة له على تقدير تحقق المسجد بحيث يشتاق إلى عدم تحقق المسجد لأجل انزجاره من الصلاة، ولكن على تقدير تحققه يتعلق حبه بها، وحينئذ فمع كون الأمر في الواقع على قسمين، فلا وجه لإرجاع جميع القيود إلى قيود الموضوع مع ترتب الثمرة بين الوجهين في مواضع كثيرة، منها:
الاستصحاب، بل لا يجوز ذلك أصلا، كما لا يخفى.
ثم على تقدير التسليم فإرجاع القيود إلى الموضوع إنما هو في القيود التي أخذها المولى في مقام الحكم، وجعله مقيدا بها دون ما يأتي من ناحية العقل، كما في المقام، حيث إنه يحكم بناء على الترتب بكون الأمر بالمهم مقيدا بما يتأخر عن الأمر بالأهم، فان لتقييد تقييد عقلي لا ربط له بالخطابين، فإنهما مطلقان، كما لا يخفى.
ثم إنه يظهر منه أنه لو لم يكن الشرط من قيود الموضوع فاللازم أن يكون من علل التشريع مع أن هنا أمرا ثالثا يرجع إليه الواجب المشروط، وهو أن