الماهية من حيث هي هي، أو أنه هي الماهية بلحاظ وجودها في الخارج؟ إذ لا يعقل أن يتعلق الطلب بالفرد، للزوم تحصيل الحاصل.
وحينئذ فنقول: إن الظاهر هو الأول، وذلك لأنه بعد كون المصلحة الباعثة على الطلب قائمة بنفس الماهية من دون مدخلية لشئ آخر أصلا، كما هو المفروض، ومن المعلوم أن اللفظ لا يحكي إلا عن مدلوله الذي هي نفس الماهية في المقام، فسراية الطلب منها إلى غيرها مستلزم لكون بعض المطلوب مما ليس له دخل في حصول الغرض أصلا، ولكون اللفظ حاكيا عما ليس بموضوع له، واتحاد الماهية مع وجوداتها في الخارج لا يستلزم أن يكون اللفظ الموضوع بإزائها دالا عليها أيضا، كيف وباب الألفاظ لا ربط له بباب الحقائق، كما هو واضح.
وتوهم: أن الماهية من حيث هي هي ليست إلا هي لا موجودة ولا معدومة ولا مطلوبة ولا غير مطلوبة، فكيف يمكن أن يتعلق الطلب بها من هذه الحيثية.
مدفوع: بأن معنى هذا الكلام عدم كون الموجودية والمعدومية ونظائرهما مأخوذة في الماهية بحيث كانت تمام ذاتها أو جزء ذاتها، وهذا لا يستلزم استحالة تعلق الطلب بها من حيث نفسها، كيف ولا ارتباط بين المقامين أصلا، كما هو واضح.
وقد يتوهم أيضا: أن الماهية من دون لحاظ وجودها في الخارج ليست منشأ لأثر، إذ الآثار إنما يترتب على الوجود على ما هو مقتضى التحقيق، فكيف يجوز أن تجعل في حيز الطلب.
ولكنه مدفوع أيضا: بأن الماهية من هذه الحيثية - أي مع لحاظ وجودها في الخارج - ظرف لسقوط الطلب، فالمصحح لتعلقه بها إنما هو هذه الحيثية