قسمين: قسم يمكن للعبد أن يحتج به على المولى، كما في القيود والتقادير المتصورة على القسمين الأولين، وقسم لا يمكن للعبد ذلك، كما بالنسبة إلى القيود التي يقتضيه نفس الخطاب، وهو القسم الثالث الذي ذكره.
وكيف كان فغاية هذه المقدمة إثبات الترتب والطولية، وهو لا يستلزم الخروج عن إيجاب الجمع، كما سنبين فيما يتعلق على المقدمة الخامسة.
وأما المقدمة الخامسة: التي سيقت لبيان أن الترتب لا يقتضي إيجاب الجمع، فينبغي أولا الإشارة إلى وجه تأخر العصيان المشروط به خطاب المهم عن الأمر بالأهم، ثم النظر إلى أنه على فرض الترتب هل يجدي ذلك في إخراج المسألة عن إيجاب الجمع بين الضدين أو لا؟
فنقول: قد يقال - كما قيل -: إن الوجه في تأخر عصيان الأمر بالأهم عنه:
أن العصيان نقيض للإطاعة والامتثال، إذ هو ترك المأمور به لا عن عذر، والإطاعة متأخر عن الأمر، لأن الانبعاث متأخر عن البعث، إذ هو معلول له، والإتيان بمتعلق الأمر وإن لم يكن متأخرا عنه إلا أن صدق الامتثال والإطاعة عليه يتوقف على تحققه والالتفات إليه، وحينئذ فإذا ثبت تأخر الإطاعة عن الأمر فيظهر تأخر العصيان عنه أيضا، لأنه نقيض لها، والنقيضان متساويان في الرتبة وما مع المتقدم في الرتبة يكون متقدما في الرتبة أيضا.
هذا، ولكن قد عرفت سابقا منع اتحاد النقيضين من حيث الرتبة، ولو سلم فما مع المتقدم في الرتبة لا يكون متقدما في الرتبة، لما عرفت سابقا من أن التقدم والتأخر بحسب العقل مستند إلى ملاكهما، ومع عدم الملاك لا يحكم بالتقدم أو التأخر.
هذا، والعمدة في منع تأخر العصيان عن الأمر ما عرفت من أن معنى العصيان هو ترك المأمور به لا عن عذر، وهو من الأعدام والأعدام لا تكون