فيه ذلك، بل يشترط فيه أن لا يكون جميعهم أو أكثرهم تاركين للمنهي عنه، لعدم الابتلاء، وأما لو كان بعضهم تاركا له ولم يكن في البين ما يميز كل واحد من الطائفتين عن الأخرى، فلا يضر بصحة الخطاب بنحو العموم أصلا، فما اشتهر بينهم من أنه إذا خرج بعض أطراف العلم الإجمالي عن مورد الابتلاء، لم يجب الاجتناب من الآخر أيضا ليس في محله، كما حققناه في موضعه (1).
والوجه في عدم الانحلال: أنه لا إشكال في كون الكفار والعصاة مكلفين بالأحكام الشرعية مع أنه لو قيل بالانحلال إلى خطابات متكثرة، يلزم عدم كونهم مكلفين، لعدم صحة توجيه الخطاب الخاص إليهم بعد عدم انبعاثهم إلى فعل المأمور به، وعدم انزجارهم عن فعل المنهي عنه أصلا، كما لا يخفى، فمن كونهم مكلفين يستكشف أنه لا يشترط في الخطاب بنحو العموم كون كل واحد من المخاطبين واجد الشرائط صحة توجيه الخطاب الخاص إليه.
والدليل على عدم كون الخطابات الواردة في الشريعة مقيدة بالعلم والقدرة، مضافا إلى ما نراه بالوجدان من عدم كونها مقيدة بنظائرهما: أنها لو كانت مقيدة بالقدرة بحيث لم يكن العاجز مشمولا لها ومكلفا بالتكاليف التي تتضمنه تلك الخطابات يلزم فيما لو شك في القدرة وعدمها إجراء البراءة، لأن مرجع الشك فيها إلى الشك في التكليف، لأن المفروض الشك في تحقق قيده، وإجراء البراءة في موارد الشك في التكليف مما لا خلاف فيه بينهم مع أنه يظهر منهم القول بالاحتياط في مورد الشك في القدرة كما يظهر بمراجعة فتاويهم.
وأيضا لو كانت الخطابات مقيدة بالقدرة، يلزم جواز إخراج المكلف نفسه عن عنوان القادر، فلا يشمله التكليف، كما يجوز للحاضر أن يسافر، فلا يشمله