المتداولة بين الناس التي أظهرها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو الأئمة من بعده.
والدليل على ما ذكرنا من أنه ليس الفعلية والإنشائية مرتبتين للحكم بأن يكون العالم مثلا حكمه فعليا والجاهل إنشائيا: أن المراد بالحكم الذي يجعلون له المرتبتين بل المراتب الأربع - كما في الكفاية (1) - إن كان هو العبارة المكتوبة في القرآن أو في كتب الحديث فمن الواضح البديهي أنه لا يعرض له التغيير بتغير حالات المكلف من حيث العلم والجهل والقدرة والعجز ونظائرها، وإن كان المراد به هو حقيقة الحكم الراجعة إلى إرادة المبدأ الأعلى جل شأنه، فمن الواضح أيضا أنه لا يعرض لها التغيير باختلاف الحالات المذكورة، لامتناع عروض التغير له تعالى، كما لا يخفى.
الثانية: لا يذهب عليك ثبوت الفرق بين الخطاب بنحو العموم وبين الخطاب بنحو الخصوص في بعض الموارد، منها: مسألة الابتلاء، فإنه يشترط في صحة توجيه الخطاب الخاص وعدم استهجانه أن يكون المخاطب مبتلى بالواقعة المنهي عنها، كما أنه يشترط في صحة توجيه الخطاب الخاص المتضمن للأمر أن لا يكون للمخاطب داع إلى إتيان المأمور به مع قطع النظر عن تعلق الأمر.
والسر في ذلك أن الأمر والنهي إنما هو للبعث والزجر، ويقبح زجر المكلف عما يكون متروكا، لعدم الابتلاء به، كما هو واضح، وهذا بخلاف الخطاب بنحو العموم، كما هو الشأن في جميع الخطابات الواردة في الشريعة، فإنه لا يشترط في صحته أن يكون كل واحد من المخاطبين مبتلى بالواقعة المنهي عنها، لعدم انحلال ذلك الخطاب إلى خطابات عديدة حسب تعدد المخاطبين حتى يشترط