الأولى: أنه لا إشكال في أن متعلق الأوامر والنواهي هي الطبائع لا الأفراد، كما سيأتي تحقيقه.
الثانية: المراد بالإطلاق هو أخذ الطبيعة في مقام جعل الحكم عليه مطلقة غير مقيدة بشئ من القيود بمعنى أن المتكلم المختار إذا صار بصدد بيان بعض الأحكام ولم يأخذ في موضوعه إلا الطبيعة المعراة عن القيود، يستكشف من ذلك أن تمام الموضوع لذلك الحكم هي نفس الطبيعة بلا مدخلية لشئ في ترتبه أصلا، فمعنى الإطلاق ليس هو لحاظ سراية الحكم إلى جميع أفراد الطبيعة حتى يتحد مع العموم في النتيجة، وهي ثبوت الحكم لجميع أفراد الطبيعة، لأنه ليس في الإطلاق لحاظ الأفراد، بل لا يعقل أن تكون الطبيعة مرآة وكاشفة لوجوداتها التي ستحقق بعد انضمام سائر العوارض إليها فإن لفظ الإنسان مثلا لم يوضع إلا لنفس ماهية الحيوان الناطق ولا يعقل أن يحكي عن أفراد تلك الطبيعة بعد عدم كونه موضوعا بإزائها، كما هو واضح.
وبالجملة، فليس معنى الإطلاق إلا مجرد عدم مدخلية شئ من القيود بلا ملاحظة الأفراد، كما هو واضح.
الثالثة: أن المزاحمة الحاصلة بين الأمر بالأهم والأمر بالمهم كالأمر بإزالة النجاسة عن المسجد والأمر بالصلاة ليست متحققة في مرحلة تعلق الأمر بهما، إذ ليس الأمر لطبيعة الصلاة مزاحما للأمر لطبيعة الإزالة أصلا، كما لا يخفى، وليسا كالأمر بالنقيضين، بل المزاحمة بينهما إنما تتحقق بعد تعلق الأمر وحصول الابتلاء بمعنى أنه إذا ابتلى المكلف بنجاسة المسجد في زمان كونه مأمورا بالأمر الصلاتي تحصل المزاحمة بينهما، ومن المعلوم أن الترتب والاشتراط الذي يقول به القائل بالترتب إنما هو بعد تحقق المزاحمة المتأخرة عن مرحلة الأمر، كما عرفت.
وحينئذ فنقول: إنه كيف يمكن أن يكون أحد الأمرين مشروطا بسبب