لهما، لا محالة يقع التنافي بينهما في مقام الجعل، فهو داخل في باب التعارض.
وان كان بحيث لم يكن هناك تناف في مقام الجعل كما في وجوب انقاذ الغريق وحرمة التصرف في مال الغير، وكما في الصلاة مع الإزالة، ضرورة ان هذا المقدار من التنافي الاتفاقي بالنسبة إلى شخص ما لا يمنع من جعلهما على نحو القضية الحقيقية إذ المانع المتوهم ليس الا عدم القدرة على امتثالهما معا فيكون جعلهما لغوا ومن الواضح انه لا يوجب ذلك باعتبار كونه تنافيا اتفاقيا، والموجب له انما هو التنافي الدائمي بالنسبة إلى جميع المكلفين كما هو الحال في الضدين حيث إنه لا يمكن للشارع ايجابهما بنحو الاطلاق معا، فإنه لغو محض، وصدوره من الحكيم محال، بل التنافي انما يكون في مرتبة الفعلية لان فعلية كل من الحكمين المتزاحمين تأبى عن فعلية الاخر لاستحالة فعلية كليهما معا، إذ القدرة الواحدة لا تفي الا باعمالها في أحدهما ولا تكفى للجمع بينهما في مقام الاتيان والامتثال فلا محالة كان اختيار كل منهما موجبا للعجز عن الاخر فينتفى الحكم الاخر بانتفاء قيده وهو القدرة على القول باشتراطها من دون ان يوجب ذلك تصرفا في دليله.
وعلى الجملة ان باب التعارض انما هو فيما لو كان تمانع وتناف بين جعل الحكمين بنحو القضية الحقيقية.
اما من ناحية المبدأ حيث إن المصلحة غير المزاحمة بالمفسدة أو الغالبة عليها والمفسدة كذلك متضادتان لا يمكن اجتماعهما في شئ واحد، وكذلك الإرادة والكراهة بالنسبة إلى متعلق واحد.
واما من ناحية المنتهى لعدم تمكن المكلف من امتثال كلا الحكمين ولزوم التكليف بما لا يطاق لتضاد المتعلقين ذاتا مع اتحادهما في الحكم كما إذا وجب القيام دائما والقعود كذلك.
أو لتلازم المتعلقين تلازما دائميا مع اختلافهما في الحكم كما إذا وجب استقبال المشرق، وحرم استدبار المغرب، أو غير ذلك مما لا يمكن الجمع بين الحكمين ثبوتا.
وأما إذا لم يكن بينهما التنافي لامن ناحية المبدأ ولا من ناحية المنتهى ولم يلزم