هي القدرة عليه متحقق وجدانا إذ المفروض كونه مقدورا عقلا، وعدم المنع من صرف القدرة فيه شرعا، فلا وجه لتفويت المولى الملاك الأهم بعدم الامر به، وهذا بخلاف الواجب الاخر، فإنه وان كان مقدورا عقلا، الا ان الزام المولى بصرف القدرة في غيره، يوجب عجز المكلف عن ايجاده وسالبا لملاكه.
ويرد عليه، ان مفروض الكلام باب التزاحم، وهو عدم التنافي في مقام الجعل و كون التمانع في مقام الفعلية، وأيضا المفروض ان فعلية كل منهما توجب ارتفاع ملاك الاخر وعلى ذلك ففرض فعلية ما ملاكه على فرض وجوده أهم، دون الاخر مع أن نسبة القدرة التي هي شرط في فعلية كل منهما على حد سواء غريب، ولا ربط لهذا الباب بما افاده من أنه لا وجه لعدم الامر بما ملاكه أهم فالتحقيق هو التخيير مطلقا.
ثم انه اختار المحقق النائيني (ره) كون التخيير شرعيا كشف عنه العقل، فان كلا من الواجبين إذا كان واجد الملاك الزامي في ظرف القدرة عليه كما هو المفروض ففي فرض التزاحم يكون أحدهما لا بعينه ذا ملاك الزامي، فلابد للمولى من ايجابه، ضرورة انه لا يجوز للحكيم ان يرفع يده عن تكليفه بالواحد لا بعينه، مع فرض وجدانه للملاك الإلزامي، بمجرد عجز المكلف عن الاتيان بكلا الفعلين، فلا محالة يوجب المولى أحد الفعلين لا بعينه.
وأورد عليه الأستاذ، بأنه إذا كان المفروض قدرة المكلف على كل من الواجبين في نفسه وفى ظرف ترك الاخر، وان الشارع لم يلزمه بأحدهما المعين لأنه بلا مرجح، فلابد ان يكون كل منهما واجدا للملاك في ظرف ترك الاخر، ولازم ذلك تعلق الامر بكل منهما مشروطا بعدم الاتيان بالآخر، فالتخيير يكون عقليا لا شرعيا.
وفيه: ان هذا الوجه يتم فيما إذا كانت القدرة شرطا عقليا، واما على فرض كونها شرطا شرعيا، فلا يتم إذ قوله كل منهما مقدور في ظرف ترك الاخر، غير تام، لأنه وان كان مقدورا عقلا، الا انه غير مقدور شرعا وهو واضح، فالأظهر كون التخيير حينئذ شرعيا بالتقريب الذي افاده المحقق النائيني (ره)