وحق القول في المقام: ان حمل المطلق على المقيد يتوقف على ثبوت أمرين، أحدهما: التنافي بين الدليلين. ثانيهما: أقوائية ظهور المقيد في كون متعلق التكليف خصوص الحصة الخاصة من الطبيعة، من ظهور المطلق في كون المتعلق الطبيعة أين ما سرت ولو في ضمن غير تلك الحصة.
وقبل البحث في الموردين لابد وان يعلم أن محل الكلام، هو ما إذا كان ظاهر دليل المقيد كونه متكفلا لبيان حكم مستقل مولوي، وأما إذا كان ظاهرا في نفسه في الارشاد إلى الجزئية، أو الشرطية، أو المانعية، فلا كلام في حمل المطلق على المقيد، ولذلك لم يتوهم أحد عدم حمل الامر بالصلاة مطلقا على مثل قوله (ع) (لا تصل فيما لا يؤكل لحمه) (1) الظاهر في الارشاد إلى مانعية لبسه في الصلاة، وكذا الحال في المعاملات مثل قوله (نهى النبي (ص) عن بيع الغرر) (2) الظاهر في الارشاد إلى مانعية الغرر عن البيع، وهذا كله مما لا اشكال فيه.
وكيف كان فالكلام في مقامين، الأول: فيما يثبت به التنافي بين الدليلين، ومحل الكلام انما هو المتوافقان (كاعتق رقبة، واعتق رقبة مؤمنة) واما المختلفان (كاعتق رقبة ولا تعتق رقبة كافرة) فثبوت التنافي واضح.
ثم إن ثبوت التنافي يتوقف على وحدة التكليف، وهي ان أحرزت من الخارج فلا كلام، والا فثبوتها يتوقف على أمور:
1 - ان يكون المتعلق في كل من دليلي المطلق والمقيد، صرف الوجود المنطبق على أول الوجودات، إذ لو كان المتعلق جميع الوجودات، مثل أحل الله البيع، وأحل الله البيع العربي، فلا تنافى بين الدليلين لعدم التنافي بين امضاء البيع العربي وغيره. نعم، إذا كان لدليل المقيد مفهوم ثبت التنافي وهذا بخلاف ما إذا كان المتعلق في كل منهما صرف الوجود، فان اطلاق دليل المطلق يقتضى الاجتزاء بغير المقيد في مقام الامتثال، و تقييد المتعلق في دليل المقيد يقتضى عدم الاجتزاء به، فيحصل التنافي بينهما وما ذكرناه