كما في الآية الكريمة ﴿كلوا مما أمسكن﴾ (1) حيث نعلم باطلاقها من جهة عدم اعتبار الامساك من الحلقوم في تذكيته وعدم اعتبار القبلة فيها وما شاكل، وشك في أنها في مقام البيان من جهة طهارة محل الامساك وعدمها، فالأصل في الكلام حمله على كونه في مقام البيان في المورد الأول، دون الثاني: وذلك لجريان سيرة أهل المحاورات على ذلك في المورد الأول خاصة، ولعل منشأ ذلك أن أهل المحاورات عند القاء كلماتهم يكونون في مقام ابراز مراداتهم لا في مقام الاهمال فنفس القاء الكلام كاشف بالكشف الناقص عن كون المتكلم في مقام البيان، وهذا الملاك كما ترى مختص بالمورد الأول.
وقد يقال كما عن صاحب الدرر بأنه لا حاجة إلى أحرار كون المتكلم في مقام بيان تمام المراد في الحمل على الاطلاق، بيانه، ان المهملة مرددة بين المطلق، والمقيد، ولا ثالث، ولا اشكال في أنه لو كان المراد المقيد تكون الإرادة متعلقة به بالأصالة وانما ينسب إلى الطبيعة بالتبع لمكان الاتحاد وعليه، فيستفاد الاطلاق من ظاهر الكلام بواسطة أصالة الظهور حيث إن الظاهر أن الإرادة متعلقة بالطبيعة أصالة.
وفيه: ان أصالة الظهور لا بد لها من منشأ من الوضع أو القرينة، وحيث إن الموضوع له ليس هو المطلق كما عرفت بل هي الطبيعة المهملة، والاطلاق كالتقييد يتوقف على شئ آخر غير ترتب الحكم على الطبيعة المهملة، فلا يصح التمسك بأصالة الظهور الا بعد فرض تمامية المقدمات.
الثالثة: ان لا يأتي المتكلم في كلامه بما يدل على اعتبار خصوصية من الخصوصيات الوجودية أو العدمية، واما القيد المنفصل فقد عرفت حاله.
فلو تمت المقدمات يستكشف ان موضوع الحكم أو متعلقه هي الطبيعة المطلقة.
لا يقال، كيف يمكن الحكم بان الموضوع هو المطلق مع أن الاطلاق كالتقييد قيد زائد يحتاج ثبوته إلى دليل دال عليه.
لأنه يقال انه بعد فرض عدم معقولية ثبوت الحكم للطبيعة المهملة نفس عدم