السبب الأعم من الاقتضائي والفعلي، وهو مما لا أثر له، ولا يجري فيه الاستصحاب، وفي المثال يكون في أن الأثر من تلك الجنابة أو من هذه، وهذا أيضا لا أثر له، وأما نفس الجنابة والحدث فليستا معلومتين بالإجمال، بل كل منهما معلوم بالتفصيل قبل التطهر، ومشكوك فيه بعده.
وإن شئت توضيح ما ذكرنا نقول: إن العلم الاجمالي بالنوم إما قبل الوضوء أو بعده فيما نحن فيه، كالعلم الاجمالي بوجود الخفقة والخفقتين قبل الوضوء أو النوم، لأن النوم قبل الوضوء، أي في زمان الحدث ليس سببا له، كما أن الخفقة والخفقتين ليستا كذلك، فكما أن العلم الاجمالي في المثال لا يؤثر شيئا، كذلك فيما نحن فيه.
وإن صح أن يقال في المثال: علم إجمالا بتحقق الحدث بعد هذا الأمر الحادث إما من جهة السبب الأول، وإما من جهة السبب الحادث، فإن هذا الحدث إن وجد قبل الوضوء كان الحدث موجودا بعده بالسبب الأول، وإن وجد بعده كان موجودا بسببه.
مع أنه لا أظن بأحد أن يستصحب هذا الحدث، وليس ذلك إلا لأجل وضوح عدم العلم الاجمالي، وأن الحدث المعلوم بالتفصيل ليس طرفا للترديد ومصححا للإجمال المعتبر في العلم الاجمالي، ولا فرق بالضرورة بين النوم بعد الحدث، والخفقة والخفقتين في عدم سببيتهما فعلا للحدث. وكون النوم سببا - لولا سبقه بالحدث - لا يوجب فرقا كما هو واضح.
وبتقريب آخر: أن الحدث في المثال مردد بين فردين، أحدهما مقطوع الزوال، والآخر محتمل الحدوث، فإنه إن وجد السبب قبل الوضوء يكون محدثا بالسبب الأول، وهو مصداق من الحدث، وإن وجد بعده يكون الحدث مصداقا حادثا من السبب الثاني.