فتلخص مما ذكرناه أنه إذا أمر المولى بشئ ولم يقيده بشئ وجودا ولا عدما، فليس هنا شرط ولامانع، لا للتكليف ولا للمكلف به، وإذا أمر بشئ مقيدا بوجود شئ في الموضوع كالاستطاعة، فهو شرط للتكليف، أو بعدمه فيه، فهو مانع عنه، كالحيض، وإذا أمر بشئ مقيدا بوجود شئ في المكلف به، فهو شرط للمكلف به، كالاستقبال، أو بعدمه فيه، فهو مانع عنه، كاجزاء غير المأكول، وإذا لم يقيد المولى المكلف به بشئ فهو مطلق. وظهر بما ذكرنا أن الجزئية أيضا أمر منتزع من أمر المولى بالمركب، فإذا أمر بعدة أمور من التكبير والقراءة والسورة والركوع والسجود وغيرها، تنتزع منه الجزئية ويقال: إن السورة مثلا جزء للصلاة.
وأما القسم الثالث فالامر فيه كما ذكره صاحب الكفاية (ره) من أن الملكية والزوجية وأمثالهما مجعولة بالاستقلال، لا أنها منتزعة من التكليف، كما اختاره الشيخ (ره) فان انتزاعها من التكليف وإن كان ممكنا في مقام الثبوت، إلا أن مقام الاثبات لا يساعد عليه، لكونه خلاف ظاهر الأدلة، إذ المستفاد من قوله (ع): " الناس مسلطون على أموالهم " أن جواز التصرف مسبوق بالملكية ومن أحكامها، لا أن الملكية منتزعة من جواز التصرف، فان الحكم بجواز التصرف يستفاد من قوله (ع): مسلطون، والملكية من الإضافة في قوله (ع): أموالهم، فظاهر الحديث أن الملكية متقدمة على جواز التصرف تقدم الموضوع على الحكم، وكذا عدم جواز التصرف في ملك الغير الذي يستفاد من قوله (ع): " لا يحل مال امرء إلا بطيب نفسه " فظاهره ان عدم جواز التصرف من آثار الملكية ومتأخر عنها رتبة تأخر الحكم عن موضوعه، لا أنها منتزعة من عدم جواز تصرف الغير، وكذا الزوجية والرقية وغيرهما من الأحكام الوضعية،