إلى غيرها كما ذهب إليه الشيخ (ره) وتبعه بعضهم، فان تساوي الخبرين - المتعارضين من جميع الجهات لو لم يكن مجرد فرض - غير متحقق ولا خفاء في ندرته. وأما على القول بالاقتصار على المرجحات المنصوصة - كما هو الصحيح - فلا يلزم المحذور المذكور، إذ المرجح المنصوص منحصر في موافقة الكتاب والسنة، ومخالفة العامة على ما سنتكلم فيه إن شاء الله تعالى. وموارد تساوي الخبرين - المتعارضين من حيث موافقة الكتاب وعدمها - كثيرة جدا، فإنه لم يذكر في الكتاب الكريم من الاحكام إلا عدة قليلة، فيمكن أن لا يكون الحكم - الذي تعارض فيه الخبران - مذكورا في الكتاب أصلا، وكذا موارد تساوي الخبرين المتعارضين من حيث مخالفا العامة أيضا في غاية الكثرة، إذ يمكن أن يكون أحدهما موافقا لطائفة، والآخر موافقا لطائفة أخرى منهم، وكذا يمكن أن يكون الحكم الذي تعارض فيه الخبران غير مذكور في كتبهم، فان فقه العامة ليس على بساطة فقه الخاصة. وكذا أخبارهم.
وأما ما ذكره - من لزوم تأخير البيان عن وقت الحاجة - ففيه أنه لا مانع من تأخير البيان عن وقت الحاجة، لجواز أن يكون فيه مصلحة على ما ذكر في محله.
ولذا يكون تقييد الاطلاقات بالأدلة المنفصلة في أبواب الفقه في غاية الكثرة.
هذا وستسمع إن شاء الله تعالى أن الأخبار الواردة لا تنهض لاثبات التخيير أصلا، فانتظر قليلا.
ثم لا يخفى أن هذا الوجه لو تم لزم الالتزام باستحباب الترجيح بالمرجحات، بخلاف الوجهين المتقدمين، فان نتيجتهما تعين التخيير وعدم رعاية الترجيح لا لزوما ولا استحبابا.
بقي الكلام فيما نسبه إلى الكليني من القول بالتخيير مطلقا، وعدم لزوم الترجيح.