في مقام العمل، كما في دوران الامر بين المحذورين. وبعد قيام الحجة الشرعية لا يبقى احتمال الضرر ولا التحير، ليكون موردا لحكم العقل بدفع الضرر المحتمل، أو حكمه بالتخيير من جهة اللاحرجية. وهذا مبني على كون التخيير أصلا في مقابل البراءة والاحتياط. وأما بناء على كونه راجعا إلى البراءة، وأن العقل يحكم بقبح العقاب على مخالفة خصوصية كل من التكليفين مع عدم بيانها، فهو ليس أصلا برأسه. وقد مضى الكلام فيه. وأما إن كان الخروج الموضوعي بثبوت المتعبد به لا بنفس التعبد، فهو قسم من الحكومة على ما نتكلم فيه قريبا انشاء الله تعالى. وأما الحكومة فهي على قسمين:
(القسم الأول) - ما يكون أحد الدليلين بمدلوله اللفظي شارحا للمراد من الدليل الاخر، سواء كان مصدرا بكلمة مفسرة من نحو أي وأعني، أم لم يكن مصدرا بها. ولكن كان لسانه شارحا، بحيث لو لم يكن الدليل المحكوم موجودا لكان الدليل الحاكم لغوا، كقوله (ع): " لا ربا بين الوالد والولد " فإنه شارح للدليل الدال على حرمة الربا، إذ لو لم يرد دليل على حرمة الربا، لكان الحكم - بعدم الربا بين الوالد والولد - لغوا.
ثم إن الدليل الحاكم - الشارح للمراد من الدليل المحكوم قد يكون ناظرا إلى عقد الوضع - كما في المثال الذي ذكرناه - فان قوله (ع): - " لا ربا بين الوالد والولد " - ناظر إلى موضوع الحكم في الأدلة الدالة على حرمة الربا، وأن المراد منه غير الربا بين الوالد والولد، فيكون نافيا للحكم بلسان نفي الموضوع، للعلم بتحقق الموضوع فيما إذا تعاملا مع الزيادة. فالمقصود نفي حرمة الربا بينهما بلسان نفي الموضوع.
وكذا قوله (ع): " لا سهو للامام إذا حفظ عليه من خلفه " بالنسبة إلى قوله (ع):
" إذا شككت فابن على الأكثر ". وكذا بالنسبة إلى الأدلة الدالة على بطلان بالصلاة