إليها والتعرض لها من تلك الجهات استطرادا، وان كان خارجا عن محل الكلام، فيقع الكلام فيها في جهات:
(الجهة الأولى) - هل هي من المسائل الأصولية أو من القواعد الفقهية؟
وقد ذكرنا في محله أن الميزان في كون المسألة أصولية، أمران كل واحد منهما يرجع إلى الآخر:
(الأول) - أن تكن كبرى المسألة بعد ضم الصغرى إليها منتجة للحكم الفرعي الكلي، كالبحث عن حجية الخبر مثلا، فإنه بعد ضم الصغرى - وهي قيام الخبر على وجوب شئ مثلا - إلى الكبرى - وهي حجية الخبر - تكون النتيجة وجوب هذا الشئ، فيقال: هذا ما دل الخبر على وجوبه، وكل ما دل الخبر على وجوبه واجب لكون الخبر حجة، فينتج أن هذا واجب. وهذا بخلاف المسائل الفقهية، فان ضم الصغرى إليها لا ينتج إلا الحكم الجزئي كالحكم بطهارة الماء مثلا، فيقال: هذا ماء، وكل ماء طاهر، فينتج أن هذا طاهر.
وليس هو إلا حكم جزئي.
(الثاني) - أن تطبيق القواعد الأصولية على المصاديق إنما هو بيد المجتهد وليس للمقلد حظ فيه، فان تطبيق حلية ما لا نص فيه على شرب التتن مثلا بيد المجتهد، فإنه بعد الفحص وعدم وجدان نص فيه، يحكم بأنه مما لا نص فيه، فهو حلال.
وهذا بخلاف المسائل الفقهية، فان تطبيقها بيد المقلد كحرمة الخمر مثلا، فان المجتهد يفتي بها. وأما تطبيق الخمر على مائع في الخارج فهو بيد المقلد، وربما يقع الاختلاف بين المجتهد والمقلد في التطبيق، فيرى أحدهما أنه خمر والآخر أنه خل مثلا، ولكل منهما العمل بعلمه. وليس للمقلد الرجوع إلى المجتهد في التطبيق إلا من باب الرجوع إلى العادل، بناء على حجية خبر العادل في أمثال هذه الموضوعات.