وتوهم استكشاف هذا الإمضاء بعدم ردعهم - ولو بمقدمات الإطلاق المقامي - إنما يصح في فرض بنائهم في شرعياتهم أيضا على طبق مرتكزاتهم، إذ في مثل هذه الصورة على فرض المخالفة يحتاج إلى الردع الموجب لانصرافهم عن البناء في شرعياتهم، [فما] لم [ينصرفوا] عن البناء في الشرعيات [كشف ذلك] عن عدم وصول الردع إليهم.
ولازم ذلك: استقرار بنائهم - بما هم [متشرعون] - على العمل بالخبر.
ولا نعني من السيرة إلا ذلك، ومن شؤونها أنها [بوجودها ملازمة] لعدم الردع.
[وما] لا يكون بوجوده ملازما لعدم الردع هو بناؤهم في أمور معاشهم محضا. ومن المعلوم أن عدم الردع [عنه] - حينئذ - لا يكشف عن إمضاء طريقتهم، لعدم تمامية مقدمات الإطلاق المقامي في مثله، إذ تماميتها إنما هو في ظرف بنائهم على العمل في شرعياتهم - أيضا - لا مطلقا.
وعليه: فصح لنا دعوى عدم حجية بناء العقلاء بما هم عقلاء، في أمور معاشهم إلا بعد ثبوت إمضاء طريقتهم من الشرع. وإثبات ذلك [بمقدمة] عدم الردع - حينئذ - دونه خرط القتاد.
نعم كشف عدم الردع عن الإمضاء إنما هو في فرض بنائهم بارتكاز ذهنهم في شرعياتهم أيضا، وفي هذه الصورة نقول:
إن استقرارهم على هذا البناء ملازم مع عدم الردع، الملازم للإمضاء، ومرجع ذلك إلى بنائهم على شئ بما هم متدينون، لا بما هم عقلاء. ولا نعني من السيرة إلا هذا، كما أسلفناه.
ثم إنه ربما يؤيد السيرة المزبورة سيرة الأعلام على تمسكهم [في] الحلال والحرام بخبر الواحد من أول تأسيس الاستنباط والاجتهاد من غير نكير لهم في الصدر الأول.