بحيث يسند مقتضي التبين إلى العرض دون الذات، [فلا] شبهة في أن لازم ذلك كون [الحجية] ثابتة لكل ذات لم [تتصف بأنها صادرة] من الفاسق، وحينئذ، يصير خبر المجهول حجة عند كل من يجري الأصل في مثله من الأعدام الأزلية، ولا أظن أحدا - حتى من العاملين بهذا الأصل - أن يلتزم بذلك.
وإن كان وجه اقتضاء العرضي للتبين عدم اقتضاء الحجية فيه، فلا شبهة في أن لازمه سراية عدم الاقتضاء إلى ذاته أيضا. كيف؟ ومع اقتضاء الذات لها لا يزاحمه عدم اقتضاء العرضي لها.
وعليه [فكانت] الذات المحفوظة في ضمن خبر الفاسق مقتضية للتبين أيضا، وحينئذ لا يبقى مجال حصر اقتضاء التبين في العرض بالإضافة إلى الذات على الإطلاق، بل لا بد وأن يكون الحصر المزبور ناظرا إلى عرضي آخر، من إضافة الذات إلى العدالة، وهو لا يكون مقدما على وصف الفسق، كي يتم التقريب السابق، بل لا يكون إلا من باب كلية مفهوم الأوصاف، بلا خصوصية له في المقام كما لا يخفى.
ثم إن المشهور بنوا - على كلا [التقريبين] لمفهوم الآية - على ضم مقدمة الأسوئية.
وأورد عليهم: بأن ذلك بناء على كون الوجوب نفسيا، وإلا - فعلى الشرطية - فيتم الاستدلال بلا احتياج إلى هذه المقدمة.
أقول: إن المراد من التبين إن كان علميا - كما يشعر به بعض كلمات شيخنا العلامة (1) - فلا شبهة في أن وجوبه ليس إلا للإرشاد إلى طرح خبر الفاسق، وتحصيل العلم بالمرام، لمحض الاستطراق به إلى الأحكام، لا لقيام غرض قائم به، ولا لحجية الخبر بشرط العلم، إذ مع وجود العلم تمام الحجة والطريق هو لا غيره.