ذلك ليس بناؤهم على طرد مثل هذا الخبر، بل يأخذون به بمجرد احتمال [حسيته]، فيكشف ذلك - أيضا - [عن] أن المدار في حجية الخبر عندهم ليس على الجزم بحسيته، لقلة موارد هذا الجزم في أخبارهم، وهو الشاهد على إلحاق مشكوك الحسية - أيضا - بالحسية، فما هو مشكوك في بنائهم يختص بالحدسية المحضة، فيقتصر - حينئذ - في هذه الأدلة اللبية بغيرها.
نعم قد يتوهم الإطلاق في الأدلة اللفظية من الأخبار والآيات.
وفي كونها في مقام البيان - من هذه الجهة - إشكال، لإمكان حمل سوقها على امضاء طريقة العقلاء، المشكوك اندراج المورد في بنائهم على الطريقية.
ومع الاغماض عن هذه الجهة نقول:
إن آية النبأ (1) في مقام التفكيك بين الفاسق والعادل، ولا يكون [لها] نظرة إلى كيفية خبر العادل من حيث المستند، خصوصا مع [اقترانها] بالتعليل المنصرف إلى الجهالة العقلائية، [غير] الآبي عن الشمول للأخبار الحدسية المحضة، فتأمل.
نعم: آية السؤال (2) والإنذار (3) ربما يتوهم شمولهما للخبر الحدسي، ولكن لما كان فهم المنذرين وأهل الذكر في الصدر الأول - غالبا - مستندا إلى المبادئ الحسية، لوضوح المأخذ لديهم بإحساساتهم، فيدخل مثلهم في الحداسين بحدس قريب إلى الحس، ولا [يشمل] الحدسي المحض، وذلك أيضا لولا شبهة قابلية حملهما على حجية الفتوى لا الرواية، كما سيأتي إن شاء الله.