الاستصحاب في مثل تلك الأحكام العقلية، وذلك أيضا لا من جهة مجرد عقليتها.
كيف! وهي من العقليات المنتهية إلى جعل شرعي كبعض الأحكام الوضعية من الجزئية والسببية بل من جهة أن قوام حكم العقل بدركه الوجداني، ومع الشك جزم العقل بعدم حكمه ودركه، فالأحكام العقلية طرا أمرها دائر بين الأمرين إما الجزم بالوجود وإما الجزم بالعدم لا بين النفي والاثبات. فلا يكاد يتحقق في مثلها الشك الذي هو مناط الاستصحاب.
ومن هذه الجهة نقول بعدم جريان الاستصحاب في نفس الجزئية والشرطية من العقليات المنتزعة الوضعية، بل الاستصحاب جار في نفس المنشأ ثم ينتزع العقل مثل تلك العناوين عن موضوعاتها، نظرا إلى أن ما هو منشأ انتزاعها أعم من الواقعي والظاهري. ومهما لا يمكن جريان الاستصحاب في مناشئ تلك الأحكام لا يبقى مجال لجريانه في نفسها كما هو ظاهر.
وأيضا لو بنينا على عدم كون الأمارات عللا [لثبوت] الأحكام في موضوعاتها، بل كان لعنوان قيامها دخل في ثبوت الحكم التكليفي الظاهري في مواردها، أو كان مثل تلك الأمارات بنفسها موضوع حكم وضعي من مثل الحجية محضا لا يكاد أيضا يجري الاستصحاب في المقام، وذلك لأن الحياة [لها] دخل تام في نظر العرف في قيام الرأي حدوثا وبقاء بحيث يحكمون بارتفاع الرأي وانعدامه بانعدام الحياة، ولا أقل من الشك فيه، ومعه لا يبقى مجال استصحاب عنوان ما قام عليه رأي هذا الشخص، إذ مع احتمال دخل الحياة في إضافة الرأي إليه عرفا فمع [ارتفاعها] لا [تكون] الوحدة بين القضيتين محفوظة عرفا.
وتوهم كفاية حدوث هذا العنوان في بقاء الحكم المزبور - ولا أقل من الشك فيه - فيستصحب الحكم لما حدث فيه هذا العنوان في زمان، مدفوع بأن الحكم حدوثا وبقاء تابع حدوثه وبقائه، بشهادة أنه لو زال الرأي لنسيان غير