وحينئذ فلو اغمض عما ذكرنا من البيان كان لاحتمال الترجيح الحاكم في باب الحكومة [مجال] ومع هذا الاحتمال لا يبقى وجه لترجيح الأعلم العادل على الأعدل العالم كما هو المعروف. بل لا بد حينئذ من المصير إلى التخيير في فرض عدم أحوطية قول أحدهما عن الآخر، وإلا فيتعين بنظر العقل الأخذ بأحوط القولين، لأن فيه نحو جمع بينهما عملا، ومفرغ للذمة، لأن به يفرغ يقينا.
ومن هنا ظهر الحال بالنسبة إلى الموت والحياة في التقليد البدوي لولا دعوى قيام معاقد الاجماعات على عدم جواز تقليد الميت بدوا.
كما أن الشأن هو ما ذكرنا أيضا في مسألة تقليد الميت بقاء وتقليد الحي بالرجوع عنه إليه لولا دعوى استصحاب بقاء الأحكام التكليفية الناشئة عن قيام رأي المجتهد المثبت سابقا في زمان حياته، بناء على التحقيق من كون رأي المجتهد كسائر الحجج الشرعية من علل ثبوت الحكم الظاهري على موضوعاتها بلا دخل لعنوان قيامها على المورد في ثبوت مثل هذا الحكم.
وذلك أيضا بناء على كون مفاد دليل حجية الرأي كسائر أوامر التصديق في الأمارات هو إحداث احكام تكليفية ظاهرية. إذ حينئذ كان لمثل هذا الاستصحاب مجال، إذ من المعلوم أنه مع الشك في حجية الرأي حال موت المفتي نشك في بقاء الحكم التكليفي الظاهري الثابت لعنوان موضوعه فيستصحب مثل ذلك الحكم وإن لم يجر الاستصحاب في نفس حجية الرأي لما يتم.
بل ولئن قلنا بعدم حجية الرأي في حال الموت أمكن قيام مقتض آخر في بقاء الحكم الظاهري المزبور، ومعه يبقى مثل تلك الأحكام على [مشكوكيته فتشمله] أدلة استصحابها، فلا مجال لشبهة الشك في الموضوع في مثلها.
نعم لو بنينا على كون مفاد أدلة الطرق حكما تكليفيا - بل غاية ما في الباب كونها موجبة لإحداث الأحكام العقلية في مواردها - فلا مجال لجريان