أبواب كل شئ - وقوله - ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من قصة - الآية والأول أولى (ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذابا صعدا) أي ومن يعرض عن القرآن، أو عن العبادة، أو عن الموعظة، أو عن جميع ذلك يسلكه: أي يدخله عذابا صعدا: أي شاقا صعبا. قرأ الجمهور " نسلكه " بالنون مفتوحة. وقرأ الكوفيون وأبو عمرو في رواية عنه بالياء التحتية، واختار هذه القراءة أبو عبيد وأبو حاتم لقوله - عن ذكر ربه - ولم يقل عن ذكرنا. وقرأ مسلم بن جندب وطلحة بن مصرف والأعرج بضم النون وكسر اللام، من أسلكه، وقراءة الجمهور من سلكه. والصعد في اللغة المشقة، تقول تصعد بي الأمر: إذا شق عليك، وهو مصدر صعد، يقال صعد صعدا وصعودا، فوصف به العذاب مبالغة، لأنه يتصعد المعذب: أي يعلوه ويغلبه فلا يطيقه. قال أبو عبيد: الصعد مصدر: أي عذابا ذا صعد. وقال عكرمة: الصعد هو صخرة ملساء في جهنم يكلف صعودها، فإذا انتهى إلى أعلاها حدر إلى جهنم كما في قوله - سأرهقه صعودا - والصعود: العقبة الكئود (وأن المساجد لله) قد قدمنا اتفاق القراء هنا على الفتح فهو معطوف على أنه استمع: أي وأوحى إلى أن المساجد مختصة بالله. وقال الخليل: التقدير ولأن المساجد. والمساجد: المواضع التي بنيت للصلاة فيها. وقال سعيد بن جبير:
قالت الجن كيف لنا أن نأتي المساجد ونشهد معك الصلاة ونحن ناءون عنك؟ فنزلت. وقال الحسن: أراد بها كل البقاع لأن الأرض كلها مسجد. وقال سعيد بن المسيب وطلق بن حبيب: أراد بالمساجد الأعضاء التي يسجد عليها العبد، وهي القدمان والركبتان واليدان والجبهة، يقول هذه أعضاء أنعم الله بها عليك فلا تسجد بها لغيره فتجحد نعمة الله، وكذا قال عطاء. وقيل المساجد هي الصلاة لأن السجود من جملة أركانها قاله الحسن (فلا تدعوا مع الله أحدا) من خلقه كائنا ما كان (وأنه لما قام عبد الله) قد قدمنا أن الجمهور قرءوا هنا بفتح أن، عطفا على أنه استمع: أي وأوحى إلى أن الشأن لما قام عبد الله، وهو النبي صلى الله عليه وآله وسلم (يدعوه) أي يدعوا الله ويعبده، وذلك ببطن نخلة كما تقدم حين قام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي ويتلو القرآن، وقد قدمنا أيضا قراءة من قرأ بكسر إن هنا، وفيها غموض وبعد عن المعنى المراد (كادوا يكونون عليه لبدا) أي كاد الجن يكونون على رسول الله لبدا: أي متراكمين من ازدحامهم عليه لسماع القرآن منه. قال الزجاج: ومعنى لبدا: يركب بعضهم بعضا، ومن هذا اشتقاق هذه اللبود التي تفرش. قرأ الجمهور " لبدا " بكسر اللام وفتح الباء وقرأ مجاهد وابن محيصن وهشام بضم اللام وفتح الباء، وقرأ أبو حيوة ومحمد بن السميفع والعقيلي والجحدري بضم الباء واللام. وقرأ الحسن وأبو العالية والأعرج بضم اللام وتشديد الباء مفتوحة. فعلى القراءة الأولى المعنى ما ذكرناه، وعلى قراءة ضم اللام يكون المعنى كثيرا كما في قوله - أهلكت مالا لبدا - وقيل المعنى: كاد المشركون يركب بعضهم بعضا حردا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وقال الحسن وقتادة وابن زيد: لما قام عبد الله محمد بالدعوة، تلبدت الإنس والجن على هذا الأمر ليطفئوه، فأبي الله إلا أن ينصره، ويتم نوره، واختار هذا ابن جرير. قال مجاهد لبدا: أي جماعات، وهو من تلبد الشئ على الشئ أي اجتمع ومنه اللبد الذي يفرش لتراكم صوفه، وكل شئ ألصقته إلصاقا شديدا فقد لبدته، ويقال للشعر الذي على ظهر الأسد لبدة، وجمعها لبد ويقال للجراد الكثير لبد، ويطلق اللبد بضم اللام وفتح الباء على الشئ الدائم، ومنه قيل لنسر لقمان لبد الطول بقائه، وهو المقصود بقول النابغة * أخنى عليها الذي أخنى على لبد (قال إنما ادعوا ربي) أي قال عبد الله إنما أدعو ربي وأعبده (ولا أشرك به أحدا) من خلقه. قرأ الجمهور " قال " وقرأ عاصم وحمزة " قل " على الأمر. وسبب نزولها أن كفار قريش قالوا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: إنك جئت بأمر عظيم، وقد عاديت