كالحرس يستوى فيه الواحد والجمع والمؤنث، والرصد للشئ الراقب له، يقال: رصده يرصده رصدا ورصدا والترصد الترقب، والمرصد موضع الرصد (ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم) اللام متعلق بيسلك، والمراد به العلم المتعلق بالإبلاغ الموجود بالفعل، وأن هي المخففة من الثقيلة، واسمها ضمير الشأن، والخبر الجملة، والرسالات عبارة عن الغيب الذي أريد إظهاره لمن ارتضاه الله من رسول، وضمير أبلغوا يعود إلى الرصد. وقال قتادة ومقاتل: ليعلم محمد أن الرسل قبله قد أبلغوا الرسالة كما بلغ هو الرسالة، وفيه حذف تتعلق به اللام: أي أخبرناه بحفظنا الوحي ليعلم أن الرسل قبله كانوا على حالته من التبليغ. وقيل ليعلم محمد أن جبريل ومن معه قد أبلغوا إليه رسالات ربه، قاله سعيد بن جبير. وقيل ليعلم الرسل أن الملائكة قد بلغوا رسالات ربهم. وقيل ليعلم إبليس أن الرسل قد أبلغوا رسالات ربهم من غير تخليط. وقال ابن قتيبة: أي ليعلم الجن أن الرسل قد أبلغوا ما أنزل إليهم ولم يكونوا هم المبلغين باستراق السمع عليهم. وقال مجاهد: ليعلم من كذب الرسل أن الرسل قد بلغوا رسالات ربهم. قرأ الجمهور " ليعلم " بفتح التحتية على البناء للفاعل. وقرأ ابن عباس ومجاهد وحميد ويعقوب وزيد بن علي بضمها على البناء للمفعول: أي ليعلم الناس أن الرسل قد أبلغوا. وقال الزجاج: ليعلم الله أن رسله قد أبلغوا رسالاته: أي ليعلم ذلك عن مشاهدة كما علمه غيبا. وقرأ ابن أبي عبلة والزهري بضم الياء وكسر اللام (وأحاط بما لديهم) أي بما عنده الرصد من الملائكة، أو بما عند الرسل المبلغين لرسالاته، والجملة في محل نصب على الحال من فاعل يسلك بإضمار قد: أي والحال أنه تعالى قد أحاط بما لديهم من الأحوال. قال سعيد بن جبير: ليعلم أن ربهم قد أحاط بما لديهم فبلغوا رسالاته (وأحصى كل شئ عددا) من جميع الأشياء التي كانت والتي ستكون، وهو معطوف على أحاط، وعددا يجوز أن يكون منتصبا على التمييز محولا من المفعول به: أي وأحصى عدد كل شئ كما في قوله - وفجرنا الأرض عيونا - ويجوز أن يكون منصوبا على المصدرية، أو في موضع الحال:
معدودا، والمعنى: أن علمه سبحانه بالأشياء ليس على وجه الإجمال، بل على وجه التفصيل: أي أحصى كل فرد من مخلوقاته على حدة.
وقد أخرج ابن جرير عن ابن عباس قال (القاسطون) العادلون عن الحق. وأخرج ابن جرير عنه في قوله (وألو استقاموا على الطريقة) قال: أقاموا ما أمروا به (لأسقيناهم ماء غدقا) قال: معينا. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن السدي قال: قال عمر " وألو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا لنفتنهم فيه " قال: حيثما كان الماء كان المال، وحيثما كان المال كانت الفتنة. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس (لنفتنهم فيه) قال:
لنبتليهم به. وفي قوله (ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذابا صعدا) قال: شقة من العذاب يصعد فيها.
وأخرج هناد وعبد بن حميد وابن المنذر والحاكم وصححه عنه في قوله (يسلكه عذابا صعدا) قال: حبلا في جهنم.
وأخرج ابن جرير عنه أيضا (عذابا صعدا) قال: لا راحة فيه. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضا في قوله (وأن المساجد لله) قال: لم يكن يوم نزلت هذه الآية في الأرض مسجد إلا مسجد الحرام، ومسجد إيلياء ببيت المقدس.
وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عن ابن مسعود قال " خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبل الهجرة إلى نواحي مكة فخط لي خطا. وقال لا تحدثن شيئا حتى آتيك، ثم قال: لا يهولنك شيئا تراه، فتقدم شيئا، ثم جلس فإذا رجال سود كأنهم رجال الزط، وكانوا كما قال الله تعالى - كادوا يكونون عليه لبدا - " وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس في الآية قال " لما سمعوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتلو القرآن كادوا يركبونه من الحرص لما سمعوه، ودنوا منه فلم يعلم بهم حتى أتاه الرسول، فجعل يقرئه - قل أوحى إلى أنه