الذي يلمزهم بلسانه. وقال سفيان الثوري: يهمزهم بلسانه ويلمزهم بعينه. وقال ابن كيسان: الهمزة: الذي يؤذي جلساءه بسوء اللفظ، والهمزة: الذي يكسر عينه على جليسه ويشير بيده وبرأسه وبحاجبه، والأول أولى، ومنه قول زياد الأعجم:
تدلى بود إذا لاقيتني كذبا * وإن أغيب فأنت الهامز اللمزه وقول الآخر: إذا لقيتك من سخط تكاشرني * وإن تغيبت كنت الهامز اللمزه وأصل الهمز الكسر، يقال: همز رأسه كسره، ومنه قول العجاج: ومن همزنا رأسه تهشما وقيل أصل الهمز واللمز: الضرب والدفع، يقال: همزه يهمزه همزا، ولمزه يلمزه لمزا: إذا دفعه وضربه، ومنه قول الشاعر:
ومن همزنا عزه تبركعا * على استه زوبعة أو زوبعا البركعة: القيام على أربع، يقال بركعه فتبركع: أي صرعه فوقع على استه، كذا في الصحاح وبناء فعلة يدل على الكثرة، ففيه دلالة على أنه يفعل ذلك كثيرا، وأنه قد صار ذلك عادة له، ومثله ضحكة ولعنة. قرأ الجمهور " همزة لمزة " بضم أولهما وفتح الميم فيهما. وقرأ الباقر والأعرج بسكون الميم فيهما. وقرأ أبو وائل والنخعي والأعمش " ويل للهمزة اللمزة " والآية تعم كل من كان متصفا بذلك، ولا ينافيه نزولها على سبب خاص، فإن الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب (الذي جمع مالا وعدده) الموصول بدل من كل، أو في محل نصب على الذم، وهذا أرجح، لأن البدل يستلزم أن يكون المبدل منه في حكم الطرح، وإنما وصفه سبحانه بهذا الوصف لأنه يجرى مجرى السبب، والعلة في الهمز واللمز، وهو إعجابه بما جمع من المال وظنه أنه الفضل، فلأجل ذلك يستقصر غيره. قرأ الجمهور " جمع " مخففا. وقرأ ابن عامر وحمزة والكسائي بالتشديد. وقرأ الجمهور " وعدده " بالتشديد، وقرأ الحسن والكلبي ونصر بن عاصم وأبو العالية بالتخفيف، والتشديد في الكلمتين يدل على التكثير وهو جمع الشئ بعد الشئ وتعديده مرة بعد أخرى. قال الفراء: معنى عدده أحصاه. وقال الزجاج: وعدده لنوائب الدهور. يقال أعددت الشئ وعددته: إذا أمسكته. قال السدي: أحصى عدده. وقال الضحاك:
أعد ماله لمن يرثه. وقيل المعنى: فاخر بكثرته وعدده، والمقصود ذمه على جمع المال، وإمساكه وعدم إنفاقه في سبيل الخير. وقيل المعنى على قراءة التخفيف في عدده: أنه جمع عشيرته وأقاربه. قال المهدوي: من خفف وعدده فهو معطوف على المال: أي وجمع عدده، وجملة (يحسب أن ماله أخلده) مستأنفة لتقرير ما قبلها، ويجوز أن تكون في محل نصب على الحال: أي يعمل عمل من يظن أن ماله يتركه حيا مخلدا لا يموت. وقال عكرمة:
يحسب أن ماله يزيد في عمره، والإظهار في موضع الإضمار للتقريع والتوبيخ. وقيل هو تعريض بالعمل الصالح، وأنه الذي يخلد صاحبه في الحياة الأبدية، لا المال. وقوله (كلا) ردع له عن ذلك الحسبان: أي ليس الأمر على ما يحسبه هذا الذي جمع المال وعدده، واللام في (لينبذن في الحطمة) جواب قسم محذوف: أي ليطرحن في النار وليلقين فيها. قرأ الجمهور " لينبذن " وقرأ علي والحسن ومحمد بن كعب ونصر بن عاصم ومجاهد وحميد وابن محيصن: لينبذان بالتثنية: أي لينبذ هو وماله في النار. وقرأ الحسن أيضا: لينبذن: أي لينبذن ماله في النار (وما أدراك ما الحطمة) هذا الاستفهام للتهويل والتفظيع حتى كأنها ليست مما تدركه العقول وتبلغه الأفهام،