سورة الأنعام الآية (82 - 83) قوله (لأبيه آزر) قال الجوهري: آزر اسم أعجمي، وهو مشتق من آزر فلان فلانا إذا عاونه، فهو مؤازر قومه على عبادة الأصنام، وقال ابن فارس: إنه مشتق من القوة. قال الجويني في النكت من التفسير له:
ليس بين الناس اختلاف في أن اسم والد إبراهيم تارخ، والذي في القرآن يدل على أن اسمه آزر. وقد تعقب في دعوى الاتفاق بما روى عن ابن إسحاق والضحاك والكلبي أنه كان له اسمان: آزر وتارخ. وقال مقاتل: آزر، لقب. وتارخ اسم، وقال سليمان التيمي: إن آزر سب وعتب، ومعناه في كلامهم المعوج، وقال الضحاك معنى آزر الشيخ الهم بالفارسية. وقال الفراء: هي صفة ذم بلغتهم كأنه قال: يا مخطئ. وروى مثله عن الزجاج. وقال مجاهد: هو اسم صنم. وعلى هذا إطلاق اسم الصنم على أبيه إما للتعبير له لكونه معبوده، أو على حذف مضاف: أي قال لأبيه عابد آزر أو أتعبد آزر على حذف الفعل. وقرأ ابن عباس " أإزر " بهمزتين الأولى مفتوحة والثانية مكسورة، وروى عنه أنه قرأ بهمزتين مفتوحتين، ومحل (إذ قال) النصب على تقدير واذكر إذ قال إبراهيم، ويكون هذا المقدر معطوفا على (قل أندعوا من دون الله) وقيل هو معطوف على (وذكر به أن تبسل) وآزر عطف بيان. قوله (أتتخذ أصناما آلهة) الاستفهام للإنكار: أي أتجعلها آلهة لك تعبدها (إني أراك وقومك) المتبعين لك في عبادة الأصنام (في ضلال) عن طريق الحق (مبين) واضح (وكذلك نرى إبراهيم) أي ومثل تلك الإراءة نرى إبراهيم، والجملة معترضة، و (ملكوت السماوات والأرض) ملكهما، وزيدت التاء والواو للمبالغة في الصفة، ومثله الرغبوت والرهبوت مبالغة في الرغبة والرهبة. قيل أراد بملكوت السماوات والأرض ما فيهما من الخلق، وقيل كشف الله له عن ذلك حتى رأى إلى العرش وإلى أسفل الأرضين، وقيل رأى من ملكوت السماوات والأرض ما قصه الله في هذه الآية، وقيل المراد بملكوتهما الربوبية والإلهية: أي نريه ذلك وتوفقه لمعرفته بطريق الاستدلال التي سلكها، ومعنى (نرى) أريناه، حكاية حال ماضية. قوله (وليكون من الموقنين) متعلق بمقدر: أي أريناه ذلك (ليكون من الموقنين) وقد كان آزر وقومه يعبدون الأصنام والكواكب والشمس والقمر، فأراد أن ينبههم على الخطأ، وقيل إنه ولد في سرب وجعل رزقه في أطراف أصابعه فكان يمصها. وسبب جعله في السرب أن النمرود رأى رؤيا أن ملكه يذهب على يد مولود فأمر بقتل كل مولود، والله أعلم. قوله (فلما جن عليه الليل) أي ستره بظلمته، ومنه الجنة والمجن والجن كله من الستر، قال الشاعر:
ولولا جنان الليل أدرك ركضنا * بذى الرمث والأرطي عياض بن ثابت والفاء للعطف على " قال إبراهيم ": أي واذكر إذ قال وإذ جن عليه الليل فهو قصة أخرى غير قصة عرض الملكوت عليه، وجواب لما (رأى كوكبا) قيل رآه من شق الصخرة الموضوعة على رأس السرب الذي كان فيه، وقيل رآه لما أخرجه أبوه من السرب وكان وقت غيبوبة الشمس، قيل رأى المشتري وقيل الزهرة. قوله (هذا ربي) جملة مستأنفة جواب سؤال مقدر كأنه قيل فماذا قال عند رؤية الكوكب؟ قيل وكان هذا منه عند قصور النظر لأنه في زمن الطفولية، وقيل أراد قيام الحجة على قومه كالحاكي لما هو عندهم وما يعتقدونه لأجل إلزامهم، وبالثاني قال الزجاج، وقيل هو على حذف حرف الاستفهام: أي أهذا ربي، ومعناه إنكار أن يكون مثل هذا ربا، ومثله قوله تعالى - أفإن مت فهم الخالدون - أي أفهم الخالدون، ومثله قول الهذلي: