بل تؤدى على حسب السماع، ولا يمتنع أن يكون في الاسم لغتان للعجم، أو تغيره العرب تغييرين، قال المهدوي:
من قرأ بلام واحدة فالاسم يسع والألف واللام مزيدتان، كما في قول الشاعر:
رأيت الوليد بن اليزيد مباركا * شديدا بأعباء الخلافة كاهله ومن قرأ بلامين فالاسم ليسع، وقد توهم قوم أن اليسع هو إلياس وهو وهم، فإن الله أفرد كل واحد منهما.
وقال وهب: اليسع صاحب إلياس، وكانوا قبل يحيى وعيسى وزكريا، وقيل إلياس هو إدريس، وهذا غير صحيح لأن إدريس جد نوح وإلياس من ذريته، وقيل إلياس هو الخضر، وقيل لا بل اليسع هو الخضر (وكلا فضلنا على العالمين) أي كل واحد فضلناه بالنبوة على عالمي زمانه، والجملة معترضة. قوله (ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم) أي هدينا، " ومن " للتبعيض: أي هدينا بعض آبائهم وذرياتهم وأزواجهم (واجتبيناهم) معطوف على فضلنا، والاجتباء الاصطفاء أو التخليص أو الاختيار، مشتق من جبيت الماء في الحوض جمعته، فالاجتباء ضم الذي تجتبيه إلى خاصيتك. قال الكسائي: جبيت الماء في الحوض جبى مقصور، والجابية الحوض، قال الشاعر:
* كجابية الشيخ العراقي تفهق * والإشارة بقوله (ذلك هدى الله) إلى الهداية والتفضيل والاجتباء المفهومة من الأفعال السابقة (يهدى به) الله (من يشاء من عباده) وهم الذين وفقهم للخير واتباع الحق (ولو أشركوا) أي هؤلاء المذكورون بعبادة غير الله (لحبط عنهم) من حسناتهم (ما كانوا يعملون) والحبوط البطلان. وقد تقدم تحقيقه في البقرة، والإشارة بقوله (أولئك الذين آتيناهم الكتاب) إلى الأنبياء المذكورين سابقا: أي جنس الكتاب ليصدق على كل ما أنزل على هؤلاء المذكورين (والحكم) العلم (والنبوة) الرسالة أو ما هو أعم من ذلك (فإن يكفر بها هؤلاء) الضمير في بها للحكم والنبوة والكتاب، أو للنبوة فقط، والإشارة بهؤلاء إلى كفار قريش المعاندين لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (فقد وكلنا بها قوما) هذا جواب الشرط: أي ألزمنا بالإيمان بها قوما (ليسوا بها بكافرين) وهم المهاجرون والأنصار، أو الأنبياء المذكورون سابقا، وهذا أولى لقوله فيما بعد (أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده) فإن الإشارة إلى الأنبياء المذكورين لا إلى المهاجرين والأنصار إذ لا يصح أن يؤمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالاقتداء بهداهم، وتقديم بهداهم على الفعل يفيد تخصيص هداهم بالاقتداء، والاقتداء طلب موافقة الغير في فعله. وقيل المعنى: اصبر كما صبروا، وقيل اقتد بهم في التوحيد، وإن كانت جزئيات الشرائع مختلفة. وفيها دلالة على أنه صلى الله عليه وآله وسلم مأمور بالاقتداء بمن قبله من الأنبياء فيما لم يرد عليه فيه نص. قوله (قل لا أسألكم عليه أجرا) أمره الله بأن يخبرهم بأنه لا يسألهم أجرا على القرآن، وأن يقول لهم ما (هو إلا ذكرى) يعني القرآن (للعالمين) أي موعظة وتذكير للخلق كافة الموجودين عند نزوله ومن سيوجد من بعد.
وقد أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن محمد بن كعب قال: الخال والد والعم والد، نسب الله عيسى إلى أخواله فقال (ومن ذريته) حتى بلغ إلى قوله (وزكريا ويحيى وعيسى). وأخرج أبو الشيخ والحاكم والبيهقي عن عبد الملك بن عمير قال: دخل يحيى بن يعمر على الحجاج فذكر الحسين، فقال الحجاج: لم يكن من ذرية النبي، فقال يحيى: كذبت، فقال: لتأتيني على ما قلت ببينة فتلا (ومن ذريته) إلى قوله (وعيسى) فأخبر الله أن عيسى من ذرية آدم بأمه، فقال: صدقت. وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي حرب بن أبي الأسود قال: أرسل الحجاج إلى يحيى بن يعمر فقال: بلغني أنك تزعم أن الحسن والحسين من ذرية النبي تجده في كتاب الله، وقد قرأته من أوله إلى آخره فلم أجده، فذكر يحيى بن يعمر نحو ما تقدم. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر