النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال " لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي ". وأخرج أحمد عن رجل من بني بني هلال قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فذكر مثله. وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والنسائي عن عبد الله بن عدي بن الجيار قال: أخبرني رجلان أنهما أتيا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حجة الوداع وهو يقسم الصدقة فسألاه منها، فرفع فينا البصر وخفضه قرآنا جلدين، فقال: إن شئتما أعطيتكما ولاحظ فيها لغني ولا لقوي مكتسب.
سورة براءة الآية (61 - 66) قوله (ومنهم) هذا نوع آخر بما حكاه الله من فضائح المنافقين وقبائحهم، وذلك أنهم كانوا يقولون للنبي صلى الله عليه وآله وسلم على وجه الطعن والذم هو أذن. قال الجوهري: يقال رجل أذن: إذا كان يسمع مقال كل أحد، يستوى فيه الواحد والجمع ومرادهم، أقمأهم الله، أنهم إذا آذوا النبي وبسطوا فيه ألسنتهم، وبلغه ذلك اعتذروا له وقبل ذلك منهم، لأنه يسمع كل ما يقال له فيصدقه، وإنما أطلقت العرب على من يسمع ما يقال له فيصدقه أنه أذن مبالغة، لأنهم سموه بالجارحة التي هي آلة السماع، حتى كأن جملته أذن سامعة، ونظيره قولهم للربيئة عين، وإيذاؤهم له هو قوله (هو أذن) لأنهم نسبوه إلى أنه يصدق كل ما يقال له ولا يفرق بين الصحيح والباطل اغترارا منهم بحلمه عنهم وصفحه عن جناياتهم كرما وحلما وتغاضيا، ثم أجاب الله عن قولهم هذا، فقال (قل أذن خير لكم) بالإضافة على قراءة الجمهور. وقرأ الحسن بالتنوين، وكذا قرأ عاصم في رواية أبي بكر عنه، كأنه قيل: نعم هو أذن، ولكن نعم الأذن هو لكونه أذن خير لكم وليس بأذن في غير ذلك، كقولهم رجل صدق، يريدون الجودة والصلاح. والمعنى أنه يسمع الخير ولا يسمع الشر. وقرئ " أذن " بسكون الذال وصمها، ثم فسر كونه أذن خير بقوله (يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين) أي يصدق بالله ويصدق المؤمنين لما علم فيهم من خلوص الإيمان. فتكون اللام في (للمؤمنين) للتقوية، كما قال الكوفيون، أو متعلقة بمصدر محذوف، كما قال المبرد. وقرأ الجمهور " ورحمة " بالرفع عطف على أذن. وقرأ حمزة بالخفض عطفا على خير. والمعنى على القراءة