حتى أنكر عليه قيس رضي الله عنه ذلك فشتمه وأخرجه من مجلسه وقد روى شيخنا المفيد قدس سره في كتاب الإرشاد أنه لما أنشد حسان في غدير خم قصيدته المشهورة المتضمنة لما وقع في ذلك اليوم من نصب علي عليه السلام بالخلافة والولاية بعد النبي صلى الله عليه وآله قال له الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: " لا تزال يا حسان مؤيدا بروح القدس ما نصرتنا بلسانك " وإنما اشترط رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الدعاء له لعلمه بعاقبة أمر حسان في الخلاف ولو علم سلامته في المستقبل من الأحوال لدعا له على الإطلاق ومثل ذلك ما اشترط الله في مدح أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولم يمدحهن من غير اشتراط لعلمه تعالى بأن منهن من تتغير بعد الحال عن الصلاح الذي تستحق عليه المدح والاكرام فقال " يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن،. الآية " ولم يجعلهن في ذلك حسب ما جعل أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم في محل الاكرام والمدحة حيث يقول في إيثارهم المسكين واليتيم والأسير على أنفسهم مع الخصاصة التي كانت بهم " ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا، إنما نطعمكم لوجه الله،.
إلى قوله تعالى: وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا " فقطع لهم بالجزاء ولم يشرط لهم كما اشترط لغيرهم باختلاف الأحوال على ما بيناه. وأما ما ادعاه من تقدم إسلام أبي بكر مستندا إلى الأخبار الموضوعة تارة، وإلى نقل بعضهم للإجماع في ذلك أخرى، ثم تكلف الجمع بما لا يمكن جمعهما بقنطار من الغرا، فأعماله الحيلة واختراع الوسيلة ووضع الكذب لنصرة مذهب القبيلة عليها ظاهر والحق تأخر إسلامه كما نقله عن ابن كثير وصححه عن سعد بن أبي وقاص ويؤيده ما ذكره ابن الأثير في كتاب أسد الغابة في معرفة الصحابة عن ضمرة بن ربيعة أنه قال: كان إسلام أبي بكر مسببا عن إسلام خالد بن سعيد الأموي وذكر في هذا قصة طويلة. وأما غيرهم فقد قالوا إنه كان ثامن الأصحاب في الإيمان.