في أول الخاتمة التي عقدها لبيان ما أخبر به النبي ص مما حصل على آله من البلاء والقتل من قوله " إن أهل بيتي سيلقون بعدي من أمتي قتلا وتشريدا وإن أشد أقوام لنا بغضا بنو أمية وبنو المغيرة وبنو مخزوم " انتهى ولهذا ابتدأوا بعقد الرايات لعكرمة بن أبي جهل وعمومته الحارث بن هشام وغيرهم من بني مخزوم على بلاد اليمن وسموا خالد بن الوليد المخزومي الفاسق الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم " اللهم إني أبرأ إليك مما فعل خالد " سيف الله وسلطوه على مشتهياته من فروج المسلمين ودمائهم وأموالهم وسموا عبيدة بن الجراح المجروح أمين الأمة وجعلوه مشيرا لهم وأرضوا أبا سفيان بتفويض إمارة الشام ولده يزيد ووجهوا أسامة مع من كان في جيشه من الذين خافوا فتنتهم مظهرين له إبقاءه على إمارته ليسكت عن مخالفتهم حتى إذا انتهى إلى نواحي الشام عزلوه واستعملوا مكانه يزيد بن أبي سفيان فما كان بين خروج أسامة ورجوعه إلى المدينة إلا نحو من أربعين يوما فلما قدم المدينة قام على باب المسجد ثم صاح يا معشر المسلمين عجبا لرجل استعملني عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فتأمر علي وعزلني هذا والسر في أن بني مخزوم وبني أمية وغيرهم من صناديد قريش لم يتصدوا لغصب الخلافة بأنفسهم وإنما حملوا أبا بكر على ذلك لعدم سابقتهم في الإسلام وسرعة توجه التهمة إليهم بمعاداة علي عليه السلام وأهل بيته بل بمعاداة الأنصار أيضا فحملوا أبا بكر على أكتاف الناس رغما لعلي عليه السلام ولهم فافهم وبالجملة أن غصب الخلافة لم يكن بمجرد اتفاق بني تيم وبني عدي كما زعمه بل باتفاق جميع طوائف قريش على ذلك كما مر مرارا وبه تحقق الفرق بين خلافة الثلاثة وزمان الناكثين والقاسطين والمارقين كما أوضحنا تارة بعد أخرى. وأما ما ذكره من " أن سكوت علي لتيم وعدي أولا وقيامه بالسيف على آخرين آخرا دليل على أنه كان مع الحق حيث دار " فالجواب عنه أن ذاك كذلك لكن لا لأجل ما توهمه من اعتقاد علي عليه السلام
(٢٩٠)