أمير المؤمنين عليه السلام، وأبي بكر الأشجع منه، وعمر المقدام، بزعم هذا الجامد وغيرهم من بني هاشم في ملازمته لم يقاتل مع كفار قريش واختار المهاجرة من مكة إلى المدينة الطيبة وبعد امتداد المدة وتهيأ القوة والشوكة لما توجه إلى مكة للحج وصد عليه كفار قريش في الحديبية صالح معهم صلحا سماه عمر إعطاء الدنية ورجع من الحديبية إلى المدينة كما مر ولا ريب أن كل ما يوجه به كف النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأمير المؤمنين عليه السلام وسائر الصحابة والمهاجرين والأنصار عن قتال هؤلاء الكفار فهو يصلح وجها لكف أمير المؤمنين عليه السلام عن منازعة الغاصبين للخلافة بطريق أولى ضرورة أن حقية كفار قريش غير متصورة أصلا بخلاف الغاصبين المتظاهرين بالإسلام فتدبر.
وأما حربه عليه السلام للبغاة فقد بينا الفرق الظاهر بينهم وبين الثلاثة الغاصبين للخلافة مرارا فتذكر. ومنها أن قوله " وأيضا فبنو تيم ثم بنو عدي قوما الشيخين من أضعف قبائل قريش فسكوت علي لهما،. إلى آخره " مدفوع بأنا لو سلمنا أن قومهما كان أضعف قبائل قريش فكفى في تقويتهم وجود مثل عمر الذي روى الجمهور أن النبي صلى الله عليه وآله كان يدعو في بدء الإسلام ويقول اللهم قوني بأبي جهل أو بعمر بن الخطاب ولو سلم ضعفهما في نفسهما أيضا لكن أكثر ما عداهما من قبائل قريش كبني أمية وبني مخزوم وبني المغيرة كانوا يبغضون عليا عليه السلام لأجل هلاك آباءهم، وإخوانهم، وأولادهم، بيده عليه السلام في غزوات النبي صلى الله عليه وآله حتى روي أنه لم يكن بيت من قريش إلا ولهم عليه دعوى دم إراقة في سبيل الله كما ذكره الأصفهاني الشافعي في جرحه على كتاب كشف الحق وقد ذكر الشيخ الجامد في مواضع من كتابه هذا ما يدل على بغض القوم وحسدهم له فيما آتاه الله من فضله خصوصا بنو أمية وبنو المغيرة وبنو مخزوم الذين كانوا من أعاظم طوائف قريش فقد روى هذا الشيخ الجامد فيما ذكره