على حقية خلافة الأولين بل لأجل ما مر من أن السكوت في الأول لم يكن اختياريا له والقيام بالسيف ثانيا كان باختيار منه. وأما قوله " وأنه لو كان معه وصية من رسول الله صلى الله عليه وآله في أمر القيام على الناس لأنفذ،. إلى آخره " فمدخول بما قد مر أيضا من أنه كان عنده عليه السلام عهدان من رسول الله صلى الله عليه وآله أحدهما أن ولاية عهد الخلافة حق له بعده والثاني أن لا ينازع فيها أحدا من الثلاثة المستولين بعده صلى الله عليه وآله للمصالح التي فصلنا فيها الكلام آنفا فتأمل. ومنها أن قوله " ومما يلزمهم أيضا على هذه التقية المشومة أنه رضي الله عنه لا يعتمد على قوله قط،. إلى آخره " إن أراد به لزوم عدم اعتماد المخالفين الذين كان يتقي هو عليه السلام منهم فهو غير مجد له وغير مضر لنا وإن أراد عدم اعتماد أولاده الطاهرين وشيعته وأصحابه المخلصين الذين عرفوا أصوله المرضية وضبطوا القرائن القائمة في مواضع أعماله للتقية فهو ممنوع إذ عندهم قواعد وعلامات وقرائن وأمارات قد أشرنا إلى بعضها سابقا بها يميزون بين مواضع أعماله عليه السلام للتقية وبين غيرها على وجه لا يبقى شائبة الريب لهم وبهذا التقرير أيضا يندفع ما ادعى لزومه بعيد ذلك كما لا يخفى. ومنها أن قوله " وعلى تقدير أنه قال ذلك تقية فقد انتفى مقتضيها بولايته،. إلى آخره " ممنوع بما مر مرارا من أنه لما كان اعتقاد جمهور من في زمان ولايته حسن سيرة الشيخين وأنهما كانا على الحق فلم يتمكن عليه السلام من الإقدام على ما يدل على فساد إمامتهما وأنهما كانا غير مستحقين لمقامها وكيف يتمكن من ذلك وإظهار خلافهم على الجماعة التي يظنون أنهم كانوا خلفاء رسول الله حقا وأن خلافته عليه السلام مبنية على خلافتهم فإن فسدت فسدت خلافته وكيف يأمن في خلافته الخلاف عليهم وكل من بايعه وجمهورهم عبدة هؤلاء وكانوا يرون أنهم مضوا على أعدل الأمور وأفضلها وأن غاية أمر من بعدهم
(٢٩١)