وأما بيع سلعة غائبة بعينها مرئية موصوفة معينة ففيه خلاف (1) فأحد قولي الشافعي المنع من بيع الغائب جملة وقال مرة: هو جائز وله خيار الرؤية، وقال مرة:
مثل قولنا في جواز بيع الغائب وجواز النقد فيه ولزوم البيع إذا وجد على الصفة التي وقع البيع عليها بلا خيار (2) في ذلك، وأجاز مالك بيع الغائبات الا أنه لم يجز النقد فيها جملة في أحد قوليه رواه ابن وهب عنه وأجاز ابن القاسم عنه النقد في الضياع والدور قربت أم بعدت، وأما العروض فإنه أجاز النقد فيه إن كان قريبا ولا يجوز إن كان بعيدا * وقال أبو حنيفة: بيع الغائبات جائز موصوفة وغير موصوفة والنقد في ذلك جائز الا أن الخيار للمشترى إذا رأى ما اشترى فله حينئذ أن يريد البيع وأن يمضيه سواء وجده كما وصف له أو وجده بخلاف ما وصف له، وله الخيار أيضا في فسخ البيع أو امضائه قبل أن يرى ما اشترى، ولو أشهد على نفسه انه قد أسقط ماله من الخيار وانه قد أمضى البيع والتزمه لم يلزمه شئ من ذلك وهو بالخيار كما كان، فإذا رأى وجه الجارية التي اشترى وهي غائبة ولم يقلب سائرها فقد لزمته وسقط خياره ولا يردها الا من عيب، وكذلك القول في العبد سواء سواء قال: فان اشترى دابة غائبة فرأى عجزها فقد لزمته وإن لم ير سائرها ولا يردها إلا من عيب، وكذلك سائر الحيوان حاشا بني آدم، قال: فان اشترى ثيابا غائبة أو حاضرة مطوية فرأى ظهورها ومواضع طيها ولم ينشرها فقد لزمته وسقط خياره ولا يردها الا من عيب، قال: فان اشترى ثيابا هروية في جراب أو ثيابا زطية (3) في عدل. أو سمنا في زقاق، أو زيتا كذلك. أو حنطة ى غرارة. أو عروضا مما لا يكال ولا يوزن. أو حيوانا ولم ير شيئا من ذلك فان له خيار الرؤية حتى يرى كل ما اشترى من ذلك، ولو رأى جميع الثياب الا واحدا منها أو جميع الدواب الا واحدا منها فله فسخ البيع ان شاء، وسواء وجد كل ما رأى كما وصف له بخلاف ما وصف له الا السمن والزيت. والحنطة فإنه إن رأى بعض ذلك فكان ما لم ير منه مثل الذي رأى فقد لزمه البيع وسقط خياره، قال: فان ابتاع دارا فرآها من خارجها ولم يرها من داخل فقد لزمته وسقط خيار الرؤية ولا يردها الا من عيب، وروى عن زفر انه لا يسقط خياره الا حتى يرى مع ذلك شيئا من أرضها، وقال أبو يوسف: لمس الأعمى لباب الدار ولحائطها يسقط خياره ويلزمه البيع ولا يردها الا من عيب، قال أبو حنيفة.
وأصحابه: وليس له أن يرد البيع إذا رأى ما ابتاع الا بمحضر البائع فلو اشترى اثنان