حتى يبلغ أشده) وقال تعالى: (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا) فصح أن كل ما تلونا من الآيات متفق غير مختلف مضموم بعضه إلى بعض ككلمة واحدة لا يحل غير ذلك لا ترك بعضه وأخذ بعضه ولا ضرب بعضه ببعض، ووجدناه تعالى يقول مخاطبا لنبيه عليه السلام: (لتبين للناس ما نزل إليهم) وقال تعالى مخبرا عنه عليه السلام:
(وما ينطق عن الهوى ان هو إلا وحى يوحى) روينا من طرق مسلم حدثني هارون بن سعيد الأيلي نا ابن وهب أخبرني سليمان بن بلال عن ثور بن يزيد عن أبي الغيث عن أبي هريرة . (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اجتنبوا السبع الموبقات قيل: يا رسول الله وما هن؟ قال الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله الا بالحق وأكل مال اليتيم وأكل الربا والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات) * ومن طريق أحمد بن شعيب أنا إسحاق بن منصور أنا يحيى - هو ابن سعيد القطان - عن محمد بن عجلان حدثني سعيد بن أبي سعيد - هو المقبري - عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اللهم إني اخرج حق الضعيفين اليتيم والمرأة) * ومن طريق أحمد بن شعيب أيضا أخبرني محمد بن بكار نا محمد - هو ابن مسلمة - عن المقبري عن أبيه عن شريح الخزاعي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اللهم إني أخرج حق السفيهين حق اليتيم وحق المرأة) وكل هذا صحيح ثابت * ومن طريق أبى داود نا عثمان بن أبي شيبة نا جرير بن عطاء عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: لما أنزل الله تعالى (إنما يأكلون في بطونهم نارا) الآية انطلق من كان عنده يتيم فعزل طعامه من طعامه وشرابه من شرابه فجعل يفضل من طعامه فيحبس له حتى يأكله أو يفسد فاشتد ذلك عليهم فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى: (ويسألونك عن اليتامى قل: اصلاح لهم خير وان تخالطوهم فاخوانكم) فخلطوا اطعامهم بطعامه وشرابهم بشرابه * قال على: هذا كل نص ورد في ذلك مما يصح وهو كله ولله الحمد متفق لا اختلاف في شئ منه، وذلك أنه قد صح تحريم أموال اليتامى والوعيد بالنار في بطونهم وصلى السعير على آكلها فكان هذا تحريما للدنو منها جملة الا بالتي هي أحسن وهو حفظها وانماؤها وإيتاؤه إياها فقط وليس أكلها ولا تملكها شئ منها التي هي أحسن بل التي هي أسوأ بلا خلاف ومن عند عن الحق هنها فإنه موافق لنا في أنها التي هي أسوأ في أموال الأجنبيين والوعيد بالنار على أموال اليتامى أشد منه على أموال غيرهم فظهر تناقض المخالفين في هذا * وصح قولنا والحمد لله رب العالمين، وكذلك قوله تعالى: (ولا تأكلوا أموالكم إلى أموالكم إنه كان حوبا كبيرا) فصح أن كل ما قل أو كثر من مال اليتيم من الكبائر والحوب بنص القرآن، وكذلك نص حديثه عليه السلام الذي ذكرنا فإنه أخبر أن أكل مال اليتيم من الموبقات المقرونة بالشرك والقتل