أيضا من طريق أبي سعيد الخدري * ومن طريق عطاء عن جابر بن عبد الله أنه فسر لهم المزابنة أنها بيع الرطب في النخل بالتمر كيلا * قال أبو محمد: لا حجة لهم في شئ من هذه الأخبار لأننا لم ننازعهم في تحريم الرطب في رؤس النخل بالتمر كيلا نعم وغير كيل، ولا نازعناهم في أن هذا مزابنة فاحتجاجهم بها تمويه وايهام ضعيف وليس في شئ من هذه الأخبار ولا غيرها انه لا يحرم من بيع الثمر بالتمر الا هذه الصفة فقط ولا في شئ من هذا ان ما عدا هذا فحلال لكن كل ما في هذه الأخبار فهو بعض ما في حديث ابن عمر الذي صدرنا به، وبعض ما في حديث سهل بن أبي حثمة. ورافع. وأبي هريرة، وتلك الأخبار جمعت ما في هذه (1) وزادت عليها فلا يحل ترك ما فيها من زيادة الحكم من أجل أنها لم تذكر في هذه الأحاديث كما أن قول الله تعالى: (منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم) ليس حجة في إباحة الظلم في غيرها، وهكذا جميع الشرائع أولها عن آخرها ليست كل شريعة مذكورة في كل حديث، وأيضا فإننا نقول لهم: من أين قلتم: ان المراد في تلك الأخبار التي فيها النهى عن بيع الثمر بالتمر إنما هو ما ذكر في هذه الأخبار الأخر من النهى عن بيع الثمر في رؤس النخل بالتمر، وما برهانكم على ذلك؟ وهل زدتمونا على الدعوى المجردة الكاذبة شيئا؟
ومن أين وجب ترك عموم تلك الأخبار الثابتة من أجل أنه ذكر ى هذه بعض ما في تلك؟
فإنهم (2) لا سبيل لهم إلى دليل أصلا لا قوى. ولا ضعيف فحصلوا على الدعوى فقط، فان ادعوا اجماعا على ما في هذه كذبوا * وقد روينا من طريق ابن أبي شيبة نا ابن المبارك عن عثمان بن حكيم عن عطاء عن ابن عباس قال: الثمر بالتمر على رؤس النخل مكايلة إن كان بينهما ديار أو عشرة دراهم فلا بأس به، وهذا خبر صحيح، وعثمان بن حكيم ثقة وسائر من فيه أئمة أعلام، وقد فسر ابن عمر المزابنة كما روينا من طريق مالك عن نافع عن ابن عمر (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر المزابنة. والمزابنة بيع الثمر بالتمر كيلا.
وبيع الكرم بالزبيب كيلا) * وحدثنا حمام نا عباس بن أصبغ نا محمد بن عبد الملك بن أيمن نا بكر - هو ابن حماد - نا مسدد نا يحيى - هو ابن سعيد القطان - عن عبيد الله بن عمر أخبرني نافع (3) عن ابن عمر قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المزابنة والمزابنة اشتراء الثمر بالتمر واشتراء العنب بالزبيب كيلا) فمن جعل تفسير ابن عمر باطلا وتفسير جابر. وأبي سعيد صحيحا (4) بل كلاهما حق وكل ذلك مزابنة منهى عنها،