حاضر على أعرابي ولا يبيع له فخطأ خامس بلا دليل * فهذه وجوه خمسة مخالفة للخبر المذكور لا دليل على صحة شئ منها لا من قرآن. ولا من سنة. ولا من رواية سقيمة. لا من قياس: ولا من رأى له وجه. ولا من قول أحد قبله (1) لا صاحب. ولا تابع، وأما قوله: لا يشير الحاضر على البادى فان من قال بهذا احتج بما روى في بعض هذه الأخبار من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض) * قال أبو محمد: وهذا لا حجة لهم فيه أصلا ولا في هذا اللفظ ما توهموه من الميل على أهل البادية. لا نص. ولا أثر. ولا شبهة بوجه من الوجوه لأنه عليه السلام لم يقل: دعوا الحاضرين يرزقهم الله من أهل البادية إنما قال: دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض وأهل البدو من الناس كما أهل الحضر سواء سواء ولا فرق، فيدخل في هذا اللفظ رزق الله تعالى للبادي من الحاضر. والبادي من البادي وللحاضر من البادى وللحاضر من الحاضر دخولا مستويا لا مزية لشئ من ذلك على شئ آخر منه فبطل ذلك الظن الكاذب، ولا يحل من بيع البادى والحاضر الا ما يحل من بيع الحاضر للحاضر ولا فرق * فان قالوا: إنما نهى عن أن يبيع له قسنا على ذلك أن لا يشير عليه قلنا: القياس كله باطل ولو كان حقا لكان هذا منه عين الباطل لأنكم تركتم أن تمنعوا من الشراء له قياسا على البيع له وهو بيع مثله وقستم الإشارة على البيع وليست منه في ورد ولا صدر، ولا يختلفون في أن امرءا لو شاور آخر بعد النداء للجمعة في بيع فأشار عليه لم يحرج ولا أتى مكروها ولو باع أو اشترى لعصى الله تعالى وان من حلف أن لا يبيع فأشار في أمر بيع لم يحنث، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الدين النصيحة لله ولرسوله ولكتابه وللأئمة ولجماعة المسلمين) والبادي من المسلمين فالنصيحة له فرض، ولو أراد الله تعالى أن لا يشار عليه لنص على ذلك كما نص على البيع على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد ذكرنا النصيحة للبادي آنفا من طريق عمر بن الخطاب. وطلحة بن عبيد الله ولا مخالف لهما في ذلك من الصحابة، وقد جاء في ذلك أثر كما روينا من طريق سعيد بن منصور نا حماد بن زيد عن عطاء بن السائب عن حكيم بن أبي يزيد عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض فإذا استنصح الرجل أخاه فلينصح له) * وأما أبو حنيفة فلم يحتج إلى تطويل لكن خالف رسول الله صلى الله عليه وسلم في نهيه عن أن يبيع حاضر لباد بنقل التواتر، وخالف ما جاء في ذلك عن الصحابة رضي الله عنهم دون أن يعرف لهم منهم مخالف وهم يشنعون بأقل من هذا،
(٤٥٦)